من الطرائف التي أشيعت في اللواء، هي طريفة المقاتل ياسر غضبان العلواني، يرى بعضهم أن العلوانين جميعاً يتميزون بروح الترافة فهم خفيفو الظل، بينما أنا لكوني اقرب الأصدقاء اليه اعرف ياسر فهو عاش حياة مكافحة جادة، اسمعه أحياناً يعترض على تلك الاشاعة، ويقول: أين انا من المزاح؟ فأنا رجل جدي وعملي ملتزم ليس فيه في الامر أية طرافة تذكر، حاولت أن أفهم الموقف دون أن أكلف أحداً بالسؤال، لأعرف أولاً: هل وصل الامر لروح التضاد..؟ لا اعتقد، ام الامر فيه ما يخشن البال، والاسئلة طرحت لقتل الفراغ لا أكثر، ما القضية..؟
إن المقاتل ياسر العلواني كتب طلباً رسمياً راجياً أن تُصرف له منحة، وما الغريب في الامر ان يطلب المقاتل منحة..؟ قد تكون هناك أمور إدارية غمطت حق المقاتل في الحشد الشعبي، لكن لا يعني أن علينا أن نيأس.
اذن، اين النكتة يا جماعة..؟ وهكذا قررت بفضولي المجنون أن أعمل لأقف عند الفكرة بما تحتوي من شفرات وعلامات لا اعرف كنهها، وإلا فالأمر واضح اذا كان مستوى الطرح ظاهريا، حاولت ان استنفر صديقي ياسر: لمن رفعت الطلب يا صديقي..؟
ضحك حينها وسألني: أي طلب تقصد..؟ قلت: طلب المنحة.. سألني: ما الغريب بالأمر.. حقيقة الأمر ليس في القضية ما يثير مقاتل يطلب منحة، المسألة تغيرت عندما أخبرني أحدهم أن الغرابة ليست في طلب المنحة، لكن الأمر يتعلق بالعنوان، لمن يوجه الطلب، الهدوء الذي ران في الفوج حول هذه الطرفة التي صارت عنواناً من عناوين الدهشة.
قلت مع نفسي: إن ياسر صديقي رجل عسكري ليس سهوا ان يترك طلب المنحة دون عنوان، هناك امر لا يمكن لفضولي ان يفهم مثل هذه الغايات الجبارة، الطلب حسب علمي ما زال في جيبه لم يسلمه لآمر اللواء، وما زال الأمر مثيراً، لمن يعنون الطلب اذا لم يكن لآمر اللواء..؟ وكم هي المنحة التي يحتاجها، ولمن يحتاجها..؟ وخاصة انه اكثر الحديث عن المنحة وموعد المنحة، ومدى احتياجه للمنحة التي تفتح له أبواب الفرح.
جميع زملائه في لواء علي الأكبر يعرفون انه يملك عزيمة وعقيدة راسخة ولم يفكر في كل شيء ما عدا ان يخرج من الحرب بوجه ابيض، وخاصة عند ساحات المواجهة كان صارما، فأين مثل هذه السمات وطلب المنحة..؟ انا بطبيعة الحال الأقرب له ولا اعتقد أن أمر هذه المنحة يخفيها عني لو كان في المسألة أمور مادية، ولهذا اعتقد أن الأمر ليس مثلما يعتقد البعض، ولا اريد أن أسأله بأمر هو يكتمه عني.
كنت شاهداً على الصولة التي قدم فيها الشجاعة المذهلة، كنت بقربه وهو يجود بدمه ويوصيني ابلغ اهلي السلام واطلب منهم براءة الذمة، في هذه الساعة وفي لحظات الابتلاء يحلو المزاح عند أهل الايمان.
قلت: طيب ياسر والطلب، هو ذاك في جيبي، قشعريرة فرح سرت في جسدي، انا اذن اول من سيقرأ طلب المنحة، ورقة بيضاء كتب عليها دعاء يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ويطلب فيها ان يهبه المنحة، والتي هي الشهادة، قلت: ليرحمك الله يا صديقي ياسر العلوان، وانت تتمتع بالمنحة الإلهية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat