أمين الله / ٥ ختامها مسك
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحكومات في عصرنا الحاضر عندما تريد أن تكتسب ثقة البرلمان تقدّم له برنامجها الخاص ورؤيتها للعمل ، وكذلك تقدّم أسماء كابينتها الوزارية التي تعتقد أنها الفريق المناسب لإتمام المهمّة وتنفيذ ذلك البرنامج ، وبعد أن يتمّ إمضاءها وتباشر بعملها تبدأ عملية التقييم وفق ما ألزمت الحكومة نفسها به ..
وهكذا ينبغي أن تكون عملية القراءة والتقييم لخلافة أمير المؤمنين ؏ ، علينا أن نضع أمامنا الأسس والمبادىء التي طرحها أمير المؤمنين كبرنامج عمل وأهداف لخلافته - والتي أشرنا لبعضها في الحلقات السابقة - ابتداءً من الشروط التي اشترطها على القوم لقبول الولاية مروراً بأوليات ومستندات ملفّ كل موقف وحادثة ، وبعد أن نعيها جيداً نُجري عملية المطابقة والتقييم بين منطلقاتهِ وأقوالهِ من جهة وأفعاله وما قام به من إجراءات من جهة أخرى ..
ولا شك أننا سنصل الى النتيجة التي وصل اليها هو صلوات الله عليه في محراب مسجد الكوفة عندما ضربه اللعين ابن ملجم ، تلك النتيجة التي عبّر عنها عليه السلام بـ : فـزت ورب الكـعبـة ..
هذه هي نتيجة التقييم الطبيعية لنسبة المطابقة الكبيرة بل التامّة بين ما يؤمن به أمير المؤمنين وما يعمله في الخارج .. كان يعيش الإمام عليه السلام مع نفسه حالة من التحدّي والمنافسة والحرص على أن تكون جميع تصرفاته موزونة وفق أسسه ومبادئه وأصوله التي يعتقد بها ..
في حين كان المجتمع الذي يحكمه صلوات الله عليه يعيش في حالة من التناقض ويرضخ تحت منسوب فارق كبير بين ما يؤمن به ويقرّه يومياً في صلاته وسائر عباداته ، وبين ما يجد نفسه مأسوراً إليه في الخارج ..
ولهذا عند هذه النقطة بالضبط يتوقف المفكر الجزائري مالك بن نبي ، وبعد أن يحلّل معركة صفّين ( ٣٧ للهجرة ) تحليلاً فكرياً متحضّراً ، يجدها أنها أكثر من كونها معركة عسكرية ، حيث تزحزح فيها مفهوم القيم في المجتمع الإسلامي ، هذا الجنوح الذي عبّر عنه ( عقيل ابن أبي طالب ) أن صلاته خلف عليّ أقوم لدينه ، وأن تعاونه مع معاوية أنفع لمعاشه .. !! ويعتبر مالك بن نبي هذا الأمر إيذاناً بإنشقاق الضمير الإسلامي بين الواقع والمثال .. !! وأن كل ذيول هذه الكارثة ما زلنا نعاني منها حتى اليوم بتعانق الجبت والطاغوت .
وبهذا نختم سلسلتنا هذه في رحاب شهيد المحراب عليه السلام
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat