شقشقة الآباء والأبناء
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنَّ الآباء نراهم شديدي الحرص على تعليم أبنائهم في أفضل المدارس، وتهيئة أفضل المدرِّسين لهم في بعض الأحايين، وينفقون أموالًا كثيرة لأجل ذلك، ويهيئون لهم سبل الراحة والإعداد لها، بل يجاهدون بأنفسهم ويتحملون المشقة لتحقيق أحلامهم في أبنائهم، وهو هدف مشروع، ويدعو العقلاء إلى القيام به، والوصول بالأبناء إلى مراتب متقدمة في التعليم، فالبلد يحتاج إلى أبنائه الأكفاء، ونبارك لهم ذلك ..
ولكن هذا ليس هو الهدف المقصود الأسمى، فيجب علينا لتحقيق تلك الأحلام ولا تتحول إلى أوهام أنْ نمتثل لتعاليم الشريعة المقدسة التي بيَّنت بعض الحقوق والواجبات للقيام بها، ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ((حق الولد على الوالد أنْ يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن))، فهل نحن جعلنا هذه الحقوق الثلاثة ضمن منهج تربية أبنائنا!!
هل نبحث لهم عن سُبُل الأدب المختلفة التي تزيدهم كمالًا في بناء شخصيتهم، وأداء رسالتهم في المجتمع!!
وهل بحثنا لهم عن كتاب معين ينفعهم في الآداب العامة والخاصة ليتحصنوا به، ويكون لهم زادًا معنويًّا، كما نتسابق من أجل تهيئة أفضل لباس يحصنهم، وطعام يغذيهم، ومعلم يعلمهم!!
فنحن مسؤولون أمام الله تعالى في تركهم عراة بلا لباس يحصن أخلاقهم وفطرتهم (ولباس التقوى خير)، فنكون أول المشاركين في ضياعهم وانحرافهم وتسليمهم بيد الذئاب التي لا ترحمهم لا سمح الله!!!
وهل نحن نبحث لهم عن معلم يعلمهم أصول عقيدتهم وبعض أحكام دينهم؛ ليكونوا أولياء لله تعالى نفخر بهم أمام الله عز وجل، ونجعلهم دعاة إليه (ومن أحسن ممن دعا إلى الله)؟!! فالتقصير في ذلك واضح عند بعض الآباء، بل هم أساس التقصير وأصله حتى وصل الحال ببعض الأبناء لا يعرفون أسماء أصول الدين الخمسة فضلًا عن غيرها من أمور دينهم!!
ولكنه في الوقت نفسه يحفظ المعادلات الكيميائية والفيزيائية والرياضية وغيرها!!
وكثير من الآباء ضنين أنْ يأتي بابنه إلى مجلس علمي أو أدبي أو تربوي؛ لأنه لا يفقه تلك الأبعاد في بناء شخصيته، وتراه يتذرع بحجج واهية، ومنها في أيام المدرسة بأنه مشغول في الدراسة!! وفي أيام العطلة أنه مشغول بالراحة، أو بهواية معينة، أو يدرس للسنة القادمة!! أو .. أو ..
*فعلينا أيها الآباء الكرام أنْ نعلم*:
١- إنَّ الأبناء أمانة الله عند الآباء، وعلى الآباء أنْ يبذلوا قصارى جهودهم للحفاظ على هذه الأمانة الإلهية، فهي من شؤونهم الذاتية تجاه الله (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون).
٢- إنَّ الأبناء لا حول ولا قوة لهم إلا من حول وقوة آبائهم، فعليهم أنْ يغدقوا عليهم بذلك؛ ليروا آثاره كما يلجؤون هم إلى حول الله وقوته المطلقة.
٣- إنَّ الأبناء هم زرع يحتاج إلى أرض صالحة، وسقي صالح، وبيئة صالحة، وسهر ليالٍ للحصول على حصاد وثمار طيب، فعلى الآباء تهيئة كل ذلك إنْ كانوا يبغون حياة طيبة صالحة (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه).
٤- إنَّ الأبناء بحاجة ماسة إلى القدوة والأسوة، وأول قدوة لهم هم الآباء، فعليهم أنْ يكونوا على حذر في جميع تصرفاتهم، وما يصدر عنهم من قول أو فعل أو سلوك معيَّن، فالكلمة لها أثر في بناء شخصيتهم بل هي (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت).
٥- إنَّ الأبناء اليوم في خطر كبير جدًّا وسط هذه العولمة المتناقضة، والفوضى التي يعيشونها وهم في فراغ فكري، ووسط تلك المغريات الجنسية الصارخة التي تحيط بهم من كل جانب، وبكل إغراءاتها ووسائلها الشيطانية لشياطين الإنس، وهم فريسة لهؤلاء وعلى الآباء أنْ يستشعروا الرحمة والعطف والحنان على أبنائهم من هذه النيران المُحرقة، ولا يكونوا من أسباب هلاك أبنائهم.
*أخيرًا* ..
أيها الآباء!! كما تدين تدان، إنْ لم تبالِ فلا تنتظر مبالاة الله لك!!
وإنْ لم ترحم فلا تنتظر رحمة الله لك!!
وإنْ لم تسهر الليالي فلا يسهر أحد يَهديك قراءة سورة فاتحة أو صدقة أو دعاء يوم تكون بأمس الحاجة إليه!! ..
ولكم تحية واعتذار
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat