المقاومة الفلسطينية تدرّج نحو النصر رغم الخيانات
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تزرع بريطانيا غدّة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وتمنحهم من الدعم والمساندة ما جعلهم يسيطر عليها في ظرف وجيز، دون أن يدرك حكام العرب من حول فلسطين مدى خطورة انتصاب كيان استعماري عنصري، حامل لعقيدة صهيونية في مخطّطها توسّع مخطط له يمتدّ من النيل إلى الفرات، وما يعنيه ذلك من تفكيك دول بأكملها، وتسخير أراضيها لتشكّل أرض الميعاد التي يجتمع فيها الصهاينة، هدفهم الذي لا يزال غائبا من أذهان العرب، هو افشال أي محاولة لخروج دول المنطقة، من حالة التخلف والضعف إلى حالة أفضل من التقدّم مواكبة حركة ونموّ شعوب العالم وسباقاتها نحو التمكّن الصناعي والاكتفاء الذاتي والقدرة على حفظ أمنها ومكتسباتها .
استهداف فلسطين - وهي قلب الأمّة النابض - كان مدروسا من طرف الأنقليز دهاة هذا العالم والمطّلعون جيّدا على تعاليم الإسلام ومستقبله عموما، فهم يعلمون يقينا بأن فلسطين هي الأرض التي ستكون السيطرة عليها مصيرية لعرقلة هذا الدين الذي سيحكم العالم بأسره من خلال كسبه معركة الخلاص من الإستكبار والصهيونية، والتي ستكون فلسطين ساحتها، لذلك فإنّ احرار هذه الأمّة تحمّلوا مسؤولياتهم في بدء أعمال مقاومة الإستيطان الصهيوني الغربي مبكّرا، فهبّوا لنجدتها منذ أن عرفوا حقيقة المؤامرة وقيام كيانها الخطير.
ما لم يفهمه زعماء وحكام العرب المتسلّطين على مقدّرات شعوبهم، أن ما يسمى إسرائيل ليست سوى غدّة سرطانية، زرعتها بريطانيا واحتضنتها مع أمريكا، وبقية دول الغرب الاستكبارية، قد تبيّن بالدليل أنّ حلّ الدولتين والسماح بقيام دولة فلسطين، كان مجرّد وهم أشاعوه دبلوماسيا لربح الوقت لا غير، والحقيقة قد صرّح بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي، بحضور رئيسي وزراء اسبانيا وبلجيكا، حيث دعا إلى تشكيل حكومة فلسطينية، على حدود فلسطين عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، منزوعة السلاح بالكامل.
إنّ أكثر ما يقلق تخالف الغرب الصهيوني هو مشروع المقاومة الإسلامية، الذي بدأ يفرض أسلوبه في مواجهة المخطط التدميري لمستقبل الأمّة، في شقّ طريقه التحرّري من هيمنة القوى المعادية لأيّ نفس تحرّري يقوم على أساس عزّة وكرامة شعوب هذه الأمّة المنكوبة بحكام جاؤوا من الغرب حاملين ثقافاته، وتحت سيطرة دعاياته وبهارجه الكاذبة، ليفرضوا علينا مجاراة سياساته المعادية لمبادئنا وأفكارنا العقائدية على وجه الخصوص.
لم ننتهي حتى اليوم من سلطة محمود عباس المنتصبة على رؤوس أشقائنا الفلسطينيين قامعة أي شكل من أشكال مقاومة العدو الصهيوني ومتعاملة أمينا مع قواه الأمنية(1)، بما يتيح لها رصد وكشف عناصر المقاومة داخل المناطق التي تشرف عليها السلطة التعيسة، حتى يظهر الرئيس المصري كاشفا مشروع ما سمح به تحالف دول الغرب بزعامة أمريكا من قيام دولة فلسطين، وأيّ دولة هذه التي تحدّث عنها السيسي؟ وهل يُعْقل أن تقوم دولة مستقلّة منزوعة السلاح(2)، دون أن يكون فيها جيش بكامل تصانيفه، البري والبحري والجويّ وبجميع اختصاصاته اللازمة؟ فهل يقبل السيسي أن يكون أمن مصر مثلا موكولا إلى قوّة غير مصرية؟
معضلة القضية الفلسطينية اليوم ليست مقتصرة على عملاء الداخل الفلسطيني، مجسّدا في سلطة محود عباس، فذلك لم يعد خافيا على ثوار واحرار وقوى المقاومة الفلسطينية المتحمّلة كامل مسؤولياتها في الاحتراز من هؤلاء العملاء المكشوفين، بل تتجاوزه إلى المتخاذلين وبائعي القضية من حكام دول عربية آثرت خيانة القضية بالتخلّي عنها إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب واعطائه بذلك شرعية كاذبة، في زمن انكشفت فيه حقيقة هذا الكيان الغاصب لدى دول غير عربية ولا إسلامية، أبت إلّا أن تقف إلى جانب الفلسطينيين ومساندتهم في قضيّتهم العادلة، فليس هناك في هذا العالم أعدل من قضية الشعب الفلسطيني في استعادة كافة أرضه.
هلّا التفت السيسي على الأقل إلى دعوة إيران الواقعية، إلى إجراء استفتاء شعبي عام، لكل من هو فلسطيني الأصل، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، لاختيار نظام حكم يستلم السلطة في فلسطين، ويحكم البلاد وفق ما يراه أغلب الشعب، أليس من المنطق والعدل المطلوب اليوم، الدّعوة إلى مثل هذه الحلول العادلة، البعيدة عن الإنحياز الى أي طرف، بدل الدعاوى الفارغة المنحازة للغرب، وكيانه المزروع غصبا وظلما على أرض فلسطين.
إنّ ما أزعج القوى الغربية بكافة عملائها من قادة وحكام العرب، وغيرهم ممّن رضي بأن يمضي قُدُمًا في مسار خيانة الشعب الفلسطيني، وتسليمه إلى جلاده الكيان الصهيوني، الذي لا تعرف عناصره الرحمة أبدا - فما رأيناه من عدوانه على قطاع غزّة يكفي للدلالة، على أنّه بلغ من الوحشية والإجرام، مبلغا لم يصله كيان عنصري غيره- هو حركات مقاومة الصهيونية والإستكبار العالمي، التي نشأت بوسائل بسيطة، لكنها أثبتت جدواها بمرور الأيان، وبرهنت على أنها السبيل الوحيد لإستعادة الحق الفلسطيني في كامل أرضه المغتصبة، وقد لاحت اليوم من خلال طوفان الأقصى، أنها بلغت مبلغ النضج التكتيكي، والإقتدار في التسليح العسكري، بما أهّل عناصرها الوقوف بندّية، أمام هجمات القوات العسكرية الصهيونية، وتكبيدها خسائر فادحة في الأفراد والآليات، نعم لا سبيل للقضاء على المشروع الصهيوني الغربي على أرض فلسطين بغير المقاومة المسلحة، ولن تتحرّر فلسطين إلا من فوهة البندقية والصاروخ، وبقية الأسلحة التي توفّرت بأيدي فلسطينية، ومساعدة مثمّنة ومعتبرة من قوم سلمان، لذلك أقول اننا نسير بخطى ثابتة نحو تحرير فلسطين، فأبشروا يا أحرار أمّتنا بغد الحرّية الذي بدأ يقترب.
المصادر
1 – الإحتلال يهدد باغتيال المقاومين الفلسطينيين بالطائرات المسيرة.. لماذا تتمسك السلطة بالتنسيق الأمني
https://www.aljazeera.net/programs/behindthenews/2022/9/29/
2 – ما دلالات حديث الرئيس المصري عن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat