الدعاء سبيل العارفين .. محطاتٌ روحيةٌ -٢- (قراءة في تعقيب صلاة المغرب)
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد ودَّعنا قبل أيام شهر الله الأعظم، ولكن لا زلنا ننعم بتلك الضيافة الإلهية في شهر رمضان المبارك، والتي كانت من أهم معالم ضيافتها تنوُّع الأدعية والأوقات، فعلينا أنْ نبقى في رحاب تلك المحطات الروحية للدعاء؛ فنحاول التأمل ببعض الأدعية المأثورة ومعرفة آثارها التربوية في بناء الإنسان والمجتمع، وهي كثيرة جدًّا، نقتصر على بعضها في هذه المحطات المباركة.
فمن الأدعية الواردة بعد صلاة المغرب:
((اللهُمَّ إنّي أسألُكَ:
١- موجِباتِ رَحمَتِكَ.
٢- وَعَزائِمَ مَغفِرَتِكَ.
٣- وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ.
٤- وَمِن كُلِّ بَليَّةٍ.
٥- وَالفَوزَ بِالجَنَّةِ.
٦- وَالرِّضوانَ في دارِ السَّلامِ.
٧- وَجِوارَ نَبيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيهِ وَآلِهِ السَّلامُ.
اللهُمَّ ما بِنا مِن نِعمَةٍ فَمِنكَ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستَغفِرُكَ وَأتوبُ إلَيكَ)).
فالدعاء قد تضمَّن مطالب سبعة مهمة، ولها آثار مختلفة، ينبغي الوقوف عندها.
ولكن من ضروريات الدعاء أنْ يكون على وفق أسس معينة ومنها:
١- معرفة المدعو وهو الله تعالى.
٢- معرفة ما يدعو به.
٣- العمل لتهيئة الاستجابة.
فهذه الأمور الثلاثة مهمة بالنسبة لموضوع الدعاء، ويجب التعريف بها؛ ليكون الدعاء عن وعيّ بما يقوم به الداعي تجاه الله تعالى، الذي خاطب عباده بقوله؛ (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
فلنتأمل في الفقرة الأولى 🤲🏻👇🏻
(اللهم إني أسألك موجبات رحمتك)
أي اللهم إني أسألك أنْ توفقني للأعمال التي توجِبُ لي الرحمة منك.
فجميع الأعمال الصالحة هي تستوجب رحمة الله تعالى لصاحبها إلا إذا تم تخصيص ذلك بعمل معيَّن بروايات صحيحة، فلم تختص الرحمة الإلهية بعمل صالح من دون آخر، وهذه دعوة كبيرة للتنافس نحو جميع الأعمال الصالحة على اختلافها، وفي ذلك بناء تام للشخصية الإسلامية، وما يصدر عنها من صلاح وإصلاح فردي واجتماعي (إنْ كان الداعي واعيًا في دعائه) .
والرحمة الإلهية الواسعة قد ذكر الله تعالى موارد عطائها في القرآن الكريم بما يحتاج إلى تأمل كبير، فثبوتها لعباده ليس بهذه البساطة التي يتصورها بعض!!
وإنما هي 👈🏻 قال عز وجل: ((وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ .... أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [الأعراف: ١٥٦-١٥٧]
فثبوت هذه الرحمة الواسعة إنما لمن اتصف بهذه الصفات الأربع، على وفق القاعدة القرآنية لموجبات الرحمة الإلهية:
١- الذين يتقون.
٢- الذين يؤتون الزكاة.
٣- الذين يؤمنون بآيات الله.
٤- الذين يتبعون النبي صلى.
فالرحمة الإلهية ليست للجميع، ولكن لمن يستحقها، والذي يستحقها مَنْ بيَّن القرآن صفاته الأربع، فعلينا بالجد والاجتهاد للاتصاف بما تقدم، والتأمل والتفكر، ومراقبة النفس؛ لنكون أهلًا لرحمته تعالى الواسعة، التي نسأله أنْ يوفقنا لموجباتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat