العبقرية والعبقري
د . حاتم عباس بصيلة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حاتم عباس بصيلة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مازالت البشرية تحتار في مفهوم العبقرية والعبقري والمعروف عند العرب وهي أمة شاعرة اعتقادها ان العبقري يستلهم الهامه في وادي عبقر الذي يسكنه جن الشعر او ملاك الشعر وقد يأتي الالهام من جماع الارواح في هذا الوادي لتتفجر الشاعرية والغريب ان كلمة جن وجنون الشعر قريبة من كلمة جينياس التي تعبر عن العبقرية لدى الانكليز ويرجع اصل هذه الكلمة الى اللغة اللاتينية التي تعني الروح الخالقة
ولا شك ان العبقري متفرد بشخصيته المفارقة للمجتمع الذي اعتاد الرتابة والروتين والعبقري يتميز بصفات مجملها يمكن تلخيصه في ما يلي :
(الموهبة والاستعداد الفطري والابداع والخلق الرفيع والروح الناقد المتفرد والشخصية المتفردة والذكاء والقدرة على حل المشكلات)
( الشخصية العبقرية / عاطف عمارة /المكتبة السايكولوجية / الناشر هلا بوك شوب ص18)
وطبيعي ان يختلف العبقري عن الناس الاعتيادية العامة فهو ذو ارادة فذة وقدرة على التحليل والتحدي للواقع الذي غالبا ما يحارب المبدعين لانهم يخرقون المألوف ولا يمكن ان يكون العبقري عبقريا الا بالخيال الواسع المتحرك الخصب الذي يحرك الاشياء ويجد في التوليد الصوري ما يثير المخيلة مع متعة فذة في تناول المواضيع اضافة الى ان الحقيقة الجوهرية غالبا ماتكون عن طريق الخيال في الغوص الى جوهر الاشياء ولا يكون ذلك الا بالفطنة والانتباه والذاكرة القوية والقدرة على الخلق والابداع وليس نسخ الاشياء كما هي ليتحول الى صاحب حرفة من اجل العيش او التسويق لبضاعة ما
وقد احتار العلماء مع ما توصل له العلم من دراسات تشريحية تخص الدماغ في تفسير ظاهرة العبقرية فتمت الاشارة الى حالات معينة لدى اغلب العباقرة بين مفهوم فسيولوجي يؤشر خللا جسمانيا ويكون الابداع والخلق نوعا من التغطية او مداراة النقص لدى الشخصية العبقرية .فالخلل العضوي يدعو العبقري بتلافيه عن طريق الابداع الخلاق مثال ذلك طه حسين الذي فقد بصره وهو صغير وبتهوفن الاصم ونيتشه النحيل وديكارت الذي كان يعاني من الالتهاب الرؤي واللورد بيرون الذي كان اعرج في مشيته وتشيخوف الروسي الذي كان يعاني من المرض الصدري ودستويفسكي المصاب بالصرع والذي اذهل العالم بعبقريته
وهناك امثلة كثيرة
اما البعض فانه يشير الى ان معظم العباقرة يعيشون حالات سوداوية هستيرية احيانا تكون دورية ومعظمهم يعاني الاغتراب عن الواقع ويستغرق بالهيام والاحلام وهي صورة منعكسة عن الرغبة الشبقية كما فشل معظمهم في الحياة الزوجية وتمرد على الواقع مثل سيمون دي بوفوار في وجوديتها وفرجينيا وولف التي انتحرت فيما بعد وهناك نقطة مهمة لم يلتفت لها الباحثون تتعلق بعفوية العبقرية في سلوكها الانساني ويبدو لي ان هذه العفوية تقرب العبقري من جواهر الاشياء ومن حقائق الوجود ان العبقري لايمكن ان يفهم الحقيقة الا بالتواضع والانحناء لعبقرية الوجود نفسه
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat