(تأملات في كتاب المصابيح / السيد أحمد الصافي / دام عزه) 33
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تمتلك الذات الإنسانية وعيا بإمكانية وجودها، وإيمانا بأن الله سبحانه وهب الإنسان القدرة على فهم الكثير من المعاني كمعنى الصراع المستديم والمستمر مع الشيطان واليقظة على مواجهته، والاستعانة بالله للنجاة، وهذا الصراع له حيز كبير في الضمير الإنساني وله أشكال متعددة ومتجددة، مواجهة إبليس هي هوية إنسانية، وحرص على الانتماء لله سبحانه وتعالى الذي منحنا هذا الوعي ومكنه، البحث عن معنى الوجود الإنساني هو البحث في العبادة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ومن صيغ التأمل الإنساني هو النظر إلى الفهم الحقيقي، الجدوى من الفكر هو النضوج
سماحة السيد الصافي يركز قوام العبادة ـــ العقل، هو الدليل الذي يرشده إلى وجود الله تبارك وتعالى، العبادة من العاقل غير العبادة من الجاهل، وضوح الرؤية يقوّم لنا سلامة المنهج، القوة الحقيقية تتمثل في معرفة الله سبحانه تعالى وإلا عبادة من لا يعرف الله حق معرفته عبارة عن حركات فيها أكثر من شبهة، وعبادة العالم تحتاج إلى الكثير من الضوابط النفسية المهمة
مثل التثبيت على القيم الإيمانية والسيطرة على النفس من أجل الظروف، لتمكنه من مواجهة مجموعة من الأخطار، مجموعة من العقبات التي تعمل لثنيه وأخطرها عقبة الشيطان
استقطب موضوع اليقظة اهتمام الكثير من الدراسات الفكرية في ترصين الوعي ليقظة عامرة، تواكب جميع الحالات التي يعمل الشيطان على اقتحامها في مرابع النفس الإنسانية، أولها تغييب العقل ليعمي البصيرة فيكون الإنسان سهل الانقياد، لهذا نجد أن دعاء الإمام السجاد عليه السلام (اللهم لا تجعل له في قلوبنا مدخلا) الدعاء فطنة معرفية للكشف عن أبعاد المواجهة، منها حماية القلب لكونه مركز السيطرة، ومدخل من المداخل التي يسعى إبليس للتمكن منها، البصيرة الواعية تدرك معنى احتلال القلب من قبل إبليس
التمكن عند إبليس يعني تجنيد الإنسان لصالحه ليحوله إلى إبليس آخر، هذا مغزى الانتشار الشيطاني، النخر في عقلية المجتمع من خلال الإنسان نفسه بعد ما يتمكن الشيطان منه
قراءة سماحة السيد الصافي تذهب إلى مغزى أعمق، إلى مساحة تأملية تكشف لنا مسارات قبول الانحراف الشيطاني بعد تجنيد الإنسان لأساليبه الماكرة يجعله من دعاة الإعلام السلبي، يعمل على تمويه الرؤية الإنسانية عبر موارد اليأس والتركيز على عدم نفع التوبة، وذلك من أجل زرع الإحباط في نفسية المؤمن وإبعاده عن ساحة الله سبحانه، لكن القضية التي لا بد أن نتحاور حولها هل المساحة فعلا مفتوحة لإبليس بهذا التمكن؟ لنلتمس رؤية الله سبحانه حول الموضوع {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} الله سبحانه منح الإنسان قدرة المواجهة التي تبدأ من منطلق التمييز بين الصحيح والخطأ لبناء قاعدة التفاعل الإيجابي
الكشف عن مسار الشيطان يبدأ من الإنسان نفسه، الذي يهمل عدة المواجهة مثل الإيمان والقيم وبهذا تكون هناك قاعدة تقابلية التفاعل السلبي، تسقط القيم تدريجيا عند الإنسان السلبي نجده يتقمص دور إبليس، ويمارس الإضلال وتارة يكون ضالا ومضلا، قيم الذات الإيمانية يرسخ جوهرها الإمام السجاد عليه السلام (لا تجعل له في قلوبنا مدخلا) خطاب الترجي مع الله سبحانه تعالى، ثم يستمر مشهد الترجي في الدعاء(ولا توطنن له فيما لدينا منزلا) بعد المدخل يحل التوطين، وفي مرحلة الاستيطان يبدأ التملك وسيكون للشيطان بيت ملك ومستقر
سماحة السيد الصافي يأخذنا إلى رؤى فكرية تلج عمق البنية النصية للمعالجة الحقيقية
السؤال: هل الدعاء يمتلك القدرة على التفاعل الحقيقي لتحصين الانسان؟ طبعا لا، لان عملية التحصين لا تأتي لمجرد العلم وإنما بالممارسة العملية للرفض، يوضح لنا أن لا قيمة للكلام والأخلاق ليست بالبيان، وليست بالتنظير
عمدة الأخلاق الفعل الخلاق، نجد أن القراءة مخصصة لتجسيد عملية التحصين الروحي، هذا هو المنهج الذي يعتمد عليه خطاب الإمام السجاد عليه السلام، وحتى من يمارس العمل الشيطاني يدرك إن مصير الشيطان إلى جهنم، من أبرز القضايا التي تركز عليها توجهات الإمام السجاد عليه السلام، إن عملية توطين إبليس داخل النفس الإنسانية ستؤدي إلى تردي نفسي ينتج الانهزام الداخلي، فيعجز حينها أن يدرك معنى التوبة
تبدأ مرحلة اللبس الشيطاني بسبب الإحباط والذوبان في الإرادة الشيطانية، لتتعتم الصورة في ذهنه فيرى الأمر بأشكال متعددة ترسمها العادات والقيم الزائفة والمعارف المبهرجة والتي لا تمتلك سوى ثقافة التبرير، قدمت قراءة سماحة السيد الصافي محورا مهما على اعتبار التأمل في فقرات الصحيفة السجادية يعزز لنا مفهوم الدعاء ويقدم النموذج الفكري الواع، تركيز الإمام السجاد عليه السلام على نظرتي المدخل ــ الاستيطان
هل فعلا استطعنا أن نحصن أنفسنا من توطين الشيطان، حال الإنسان اليوم وسط مجتمع يدل على نفاذ الشيطان، دخل ونفذ واستوطن فأذى الصديق لصديقه وعقوق الأبن لأبيه وخيانة الجار لجاره وأكل مال الناس في غفلة، أو اغتياب الناس والفواحش والاستهزاء بمؤمن، كلها أمور تدل على الانقياد إلى الشيطان، السؤال الذي يكون المضمون المحوري لعملية القراءة، هل هذه الأباطيل لها دلالة من دلالات الإيمان؟ هل تصح أن نتقدم بها لتمثلنا يوم الورود؟
هذه البضاعة مرفوضة لإنها مغشوشة، فيها الزيف والباطل، لو بحثنا عن قصدية الخطاب الخلاق لأدركنا مفهوم الحصانة والتحصين، والذي يعني الصلابة، من أين تتكون مفردات اليقين من مكونات التفاعل الجوهري
أولا... محاسبة النفس في كل يوم وفي كل ساعة، القضية تحتاج إلى تأمل لإدراك خصوبة التربية، والأثر المعصوم يمهد لنا مشروع الحصانة الروحية
ثانيا... المقامة ومصدرها الشعور الدائم بوجود الله سبحانه ومعرفة الخصم والاستعداد له والتهيؤ
ثالثا... التسليح هو باب من أبواب المواجهة، الإمام عليه السلام يقول (اللهم وما سول لنا من باطل فعرفناه) أهم الأسلحة الدفاعية المعرفة، وإمكانية الوقاية منه والوقاية والتقوى هي من أفضل الأسلحة
يوضح سماحة السيد عن أمر الكيد، من حالات الاستدراج الشيطاني، الذي لا بد أن نقف أمامه ونبني جبهة صد، علينا أن نحذر الكيد، ونحن أمام حالات معينة شخصها الباحث
الأولى... السلم والعاقبة الحسنة، ألا يفسح للشيطان مجالا، يكون دائما على أهبة الاستعداد
ثانيا... العلاج، عدم استغلال الثقة والنظر إلى الموقف الأخروي بجد، لا بد أن يفكر الإنسان جديا لتغيير الموقف ما دام الأمر ممكنا
والانتصار على الشيطان ليس صعبا إلى درجة العجز، عدم اليأس من رحمة الله والتوبة ثورة الداخل الإنساني
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat