لماذا يرفض المسؤولون الشيعة شمول أبناء رفحاء بقانون السجناء السياسيين أو أي قانون يُنصفهم ؟
صالح المحنه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح المحنه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سؤالٌ يتداوله أبناء رفحاء يبحثون له عن إجابة مقنعة ، وعن مبرر لرفض السياسيين الشيعة وعجزهم عن إيجاد صيغة قانونية تتناسب ووضعهم ، وليت الأمرُ توقف عند هذا الحد ، بل أفرط بعضهم ممَن لاحقتهم عقدة الحرمان المادي التي كان يعاني منها سابقاً في دول اللجوء الى يومنا هذا، فأفقدته النظرة الواقعية في تقييم الجانب الأنساني لأولئك المحتجزين تحت سلاح أعتى العرب أجمعين، وغيّبت عنه أهم بعد في تأريخ ألإنتفاضة الشعبية ، وهو كسر إرادة النظام السابق الذي كان يراهن على خنوع الشعب العراقي وولائه الدائم ، هذا المسؤول إعتمد قياسات وحسابات مادية بحتة ، بعيدة عن المنطق الوجداني والحس الأنساني ، الذي يرتبط بكرامة الأنسان وبناءه المعنوي ، فأصبحت نظرته لاتتعدى نوعية الأكل الذي كان يّعطى لهم ، فعندما تُطرح قضية مخيم رفحاء للمطالبة بأنصافهم معنويا ومادياً ، كونهم عراقيون مضطهدون ومغتربون ، ولهم الحق بأثبات تأريخ ثورتهم وتضحياتهم ضد النظام السابق رسمياً ودستورياً ، وهو تأريخ يُسجل للشعب العراقي وليس لأبناء الإنتفاضة فقط ، مباشرة يذهب ذهن ذلك المسؤول المكلّف بهذا الملف الى حياة اللاجئين والى ماكانوا يأكلون وما يوزع عليهم من مواد غذائية في مخيم اللجوء السعودي، مع كل ما وصل اليه وماتحت يديه من أموال وعقارات ومناصب ، لكنه لازال يعاني من الجوع النفسي فيتذكّر التفاح والموز الذي كان يوزع عليهم في المخيم، ولايهمه ويعنيه إن كانت التفاحة ملوثة بالدم العراقي أو بتراب الذلّة ! ولايستفزه منظر الجيش المتخلّف الذي كان يطوّق المخيم بدروعه وجنوده الرعناء ، الذين كانوا يتعمدون الأساءة والأعتداء على شرف العراقيين ، فلايعتبر الأنسان مضطهداً بمفهومه طالما معدته ملئى بالطعام ، فعندها تتوقف حقوق الأنسان ، ولاشأن للكرامة والحرية بالأضطهاد ، طالما يحصل على قوته ،هذا النوع الأول من المسؤولين الذي لايتحسس معاناة الآخر عندما تمتهن كرامته إلا من خلال نوع الطعام ، المسؤول الآخر يخشى من ملف أبناء رفحاء ، لسبب يختلف عن الأول ، سبب يتعلّق بأنتماءهم العقائدي ، كونهم من نفس طائفته ، فلا يريد أن تحسب عليه ويتهم بالطائفية ! ولعمري هذا النمط أسوأ من النمط الأول ، ولنا شواهد على مانقول ، وقد سمعنا هذا الكلام بشكل مباشر من بعضهم ، لانطرح قضيتكم فنُتهم بالطائفية ، البعض الآخر أعترض بقوة على شمولهم بقانون السجناء السياسيين ، لعدم تطابق المواصفات القانونية عليهم ولأن وضعهم لايشبه وضع السجين أو المعتقل السياسي ، كل الأسباب والمبررات التي تمسّك بها الرافضون لإنصاف ابناء رفحاء ، تنتهي الى هدف واحد ، هو عدم الأقرار والأعتراف بمرحلة زمنية مهمة فاصلة في تأريخ العراق ، وعدم وجود رغبة لدى السياسيين العراقيين للأسف الشيعة في تدوينها رسمياً ، وفي كل الأحوال ومهما قيل ويقال من توصيف لأبناء رفحاء ، يبقى أمرٌ مهمٌ لايستطيع أيٌ من السياسيين إنكاره ، هو أنهم لولا إنتفاضة 1991 ما أستطاعوا إستعادة انفاسهم ، وماتحركوا في المحافل الدولية وصارت عندهم مصداقية ، لولا المخيم الذي يتجاهلون أهله اليوم ماكانت تستقبلهم الدول على إنهم قادة ، و لما صدّقهم أحدٌ ، وهناك أمرٌ مهم ربما حتى بعض أبناء الإنتفاضة لايعي أهميته ذلك البعض الذي ألتحق بركب الأحزاب فخضع الى سلطة الحزب وأوامره ، أو إنضمّ الى كتلة نصفها من البعثيين فأخرسته المصلحة ، وهو أن مطالبة الدولة بإنصاف هذه الشريحة من ابناء العراق ، يتعلّق في الجانب المادي فقط ، ومع أهمية هذا الجانب وهو حق مشروع ، إلا أنَّ هناك جانب لايقل أهمية إن لم يكن أهم ، هو الجانب المعنوي الذي يؤرّخ لثوار وشهداء الإنتفاضة ولفترة زمنية مهمة في تأريخ الشعب العراقي ، هذه الفترة التي يتعمّد بعض المسؤولين تجاهلها ، وهي أهم مرحلة تُدين النظام السابق على تلك الجرائم التي أرتكبها من خلال القتل الجماعي ،مَنْ منّا ينسى آلاف الشهداء وهدم البيوت وهتك الأعراض وهدم المساجد والحسينيات وقصف العتبات المقدسة بمدافع الجيش الصدامي ، ذلك الجيش الذي أرتكب مجازرا يخجل التأريخ منها بحق أهله وابناء شعبه ، ومن المفارقات المؤلمة أن أغلب قادة ذلك الجيش الذي شارك بدفن الآلاف من ابناء العراق أحياءا في قبور جماعية ، قد عادوا الى الجيش الجديد معززين مكرمين ، ولكنهم ليسوا بتلك القوة التي قمعوا الأنتفاضة بها وقبروا الآلاف ، فهاهم اليوم يقفون على مشارف الفلوجة مسالمين وادعين بل يتلقون الضربة تلو الضربة ! وهم يتراجعون بكل شفافية ونعومة ! أبناء رفحاء لايطالبون اليوم بمحاسبة القتلة والمجرمين ، فليس من شأنهم طالما هناك دولة وقضاء، ولكن يطالبون المسؤولين في الدولة ، أن لايغيبوا معاناتهم ويطمسوا آثار الإنتفاضة وبذلك تُمحى أهم صفحة من صفحات النظام السوداء ، من أجل ذلك سنبقى نواصل المطالبة بحقوقنا المعنوية والمادية ، لأن في ذلك إدانة الى النظام البعثي وكشف جرائمه النكراء...وهذا مالانتنازل عنه أبداً
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat