صفحة الكاتب : محمد الحمّار

تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 "إنّ التربية جهل". هذه المقولة لم تأت على لسان دجال أو مشعوذ أو متطبب من القرون الوسطى. إنه كلام للعلامة الألسني والتربوي العالمي نعوم تشومسكي. وهذا مما يعني أنّ أية منظومة تربوية إما أن تكون محرِّرة للناشئة وللجمهور المراد أن يتربى وإما فلا طائل من ورائها.

إذن ما المطلوب من الساهرين على قطاع التربية والتعليم اليوم في ضوء هذا المعطى وفي سياق الإصلاح المنشود للمنظومة التربوية خاصة في هذا الظرف الذي ما لبث أن تولى فيه وزير جديد مقاليد الوزارة؟ وهل تتوفر لدينا من المقاربات الإصلاحية ما يساعد على إنجاز الإصلاح؟
ما من شك في أنّ العقل هو الوعاء المتميز والأداة المركزية لتكريس إما الجهل وإما المعرفة. وبالرغم من أنّ عقل الإنسان واحد، سواءً كان صاحبه من الهند أو من تونس، من الولايات المتحدة أم من بروناي، إلا أنّه يخطئ من يعتقد أنّ كل الشعوب وكل الأمم وكل الأجناس تتربى بطريقة واحدة صالحة للبشرية قاطبة.
من هذا المنطلق نعتقد أنّ ما يميز العقل التونسي، كنموذج للعقل العربي الإسلامي هو محاذاة النقل له وذلك، حببنا أم كرهنا، بتأثيره فيه، إن بالاتساق أم بالتنافر أم بالتوازي معه. وهو معطى لا يتوفر لدى الشعوب التي لا تدين بالإسلام. والسبب في هاته المحاذاة بديهي ويتمثل من جهة في النعمة المتمثلة في كون الإسلام دين عقل، لكن يتمثل أيضا و من جهة أخرى في النقمة التي أفرزها تحويل مسألة العلاقة بين النقل والعقل من مجال المناظرة العلمية إلى مجال الجدال السياسوي العقيم .
بناءً على ذلك لا يمكن لأية مقاربة إصلاحية للمنظومة التربوية أن تنجح من دون اعتبار الخصوصية النقلية للعقل لدى المتعلمين أو المراد تعليمهم وتربيتهم على أسس أمتن. بهذا المعنى كل إصلاح منفرد أي متعلق بمادة من المواد المدرسية دون سواها أو بكمٍّ من المواد دون سائر المواد، لا يعدّ إصلاحا وإنما هو ترقيع. فلا تعليم اللغات بإمكانه أن يُصلَح من دون إصلاح تعليم التربية الإسلامية ولا تدريس العلوم أن يصلح من دون إصلاح تعليم اللغات إل غير ذلك من التشابكات. 
أما ما يستوجب الربط فيتمثل في أنّ محاذاة النقل للعقل ستضل تلعب دورا سلبيا ومفسدا للمحاولات التي تصدر عن العقل المجرد طالما أن ليس هنالك مقاربة علمية أساسية (إلا أننا نعتقد أنّ مثل هذه المقاربة بحوزتنا) من شأنها تصحح حالة التنافر بين العقل والنقل أي تعقلن العلاقة بين المصدرين الاثنين للمعرفة في المجتمع العربي الإسلامي. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/07



كتابة تعليق لموضوع : تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net