المقبولية والوهمية الفيسبوكية
حنان الكامل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حنان الكامل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد ان طفح على سطح المجتمع العراقي الكثير من المرادفات والعبارات الفيسبوكية واصبحت لغة يمارسها اغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بصورة عامة ، واصبح لهذه العبارات قاموس ومرجع لدى الكثير من الفيسبوكين والوي جاتين ، ناهيك عن تويتر الانستغرام ، حيث اصبحنا في عالم افتراضي الي وليس مجتمعي تشاوري.
بيد ان هذه العبارات كانت اداة مساعدة في الانتقاص من اللغة العربية العريقة حيث اصبح الجميع قريب الى جمع التكسير وبعيدين بعدا فضيع عن اللغة العربية الفصحى ولغة البلاغة ، وشاهدنا اخطاء لغوية كارثية حتى اهتزت لها الابدان والاشجان لانها ارادت ان تنتقص من لغة القران والاديان..................
بعد عبارات "منؤؤر وشيكرن وانت ضلع " يبدو اننا مقبلين على عالم اخر من الوهمية التي ارادها قرار القضاء العراقي باعتبار موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من وسائل الإعلام المشار إليها في قانون العقوبات، وعليه يترتب على من يقذف ويسب عبر تعليقاته الشخصية فيه إجراءات عقابية وفقا للقانون النافذ!!!.
بالتاكيد نحن بالضد من ثقافة السب والشتم لانها ثقافة منحدرة وبعيدة عن اساليب الحرية في التعبير المنطقي وانها لاتوصلنا الاهداف التي نصبوا اليها كمصلحين ،، لكن هذا القرار وجده الكثير بانه لغة جديدة بتكبيل الحريات هدفها منع ابداء الرأي الصريح من اجل عدم تعكير اجواء الوطنية واللحمة العراقية والمقبولية بين الكتل السياسية في البلاد او انه اسلوب جديد تنتهجه الحكومة من اجل عدم الكشف والافضاح عن السياسات الخاطئة وتكون بعيدة عن الرأي العام او ربما ان الجهات السياسية غايتها عدم سماع منتقديها لاداءهم الفقير والهزيل !!!! اقذف واشتم وسب في الخفاء وليس في العلن ويبدو ان القضاء من منصفي ومشجعي "دلوعه الكرادة وعاشقة ميسي ومحبي الساهر" لانهم سوف لن يشملوا بهذا القرار بأعتبارهم صفحات وهمية نالت من البعض لكن ليس لديهم المعلومات والادلة الكافية والحقيقية على مروجي تلك الصفحات لتقديمهم الى القضاء حتى ينالوا جزائهم العادل وفق القضاء العراقي!!! ....
والكل يعلم ان حرية التعبير نصت عليها القوانين والدساتير في اغلب الانظمة والبلدان الديمقراطية مع هذا سنعرف المعنى العام للحرية وماتعني هذه الكلمة .... الحرية سادتي تعني التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه سواء كانت قيودا مادية أو قيودا معنوية، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة أو للذات، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما، والتخلص من الإجبار والفرض ، والحرية تصنف الى صنفين الاول الحرية السالبة أو الشخصية هي إمكانية إتخاذ القرار دون قيود وهي حق طبيعي.
اما الحرية الموجبة حرية معطاة أو إمكانية معطاة ليستطيع الإنسان ممارسة الحرية السالبة (الشخصية) وهي حق إنساني أساسي. فإذا كانت الحرية السالبة هي حرية إبداءالرأي مثلا، تكون الحرية الموجبة هي إمكانية استخدام الإعلام مثلا لممارسة هذه الحرية، وهنا تكمن الحرية الذي اراد القضاء العراقي قتلها في نفوس الافراد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتهرب من الضغوطات اليومية من اجل الترفية بصورة فكاهية او ساخرة من الوضع الامني او السياسي وماشابه ذلك !!!! السؤال يطرح هنا !! اين يريد القضاء العراقي ان يوجه بوصلة الحرية اليوم !.
ملايين العراقيين يستخدمون الفيسبوك على نطاق واسع، وينشرون فيه تعليقات بعضها ساخرة من بعض المسؤولين ومنتقدة لأدائهم الوظيفي، وتعَد هذه المواقع لدى بعض العراقيين وسيلة للترويح أمام الضغوط اليومية.
انا بصورة عامة لا استثني ان هذا القرار جاء بعد ضغوطات مارسها بعض المسؤولون من اجل تشريعه لان قرار الهيئة القضائية اشار الى انها نظرت في دعوى تتضمن نشر مدانٍ عبارات قذف وسب بحق المشتكي، ووجدت أن الأدلة المتحصلة كافية لإدانته وفق قانون العقوبات العراقي، لافتة إلى أن المحكمة رأت أن تجاوزا عبر الفيسبوك في هذه الدعوى أوجب العقاب والتحقير للمشتكي في الوسط الاجتماعي والمهني، ولذلك قررت تصديق حكم الإدانة، إلا أنها اعتبرته ظرفاً مشدّداً.
ويبدو اننا سنسير في قادم الايام نحو السراب من اجل التهرب من العقاب و سنكون اناس فضائيين فيسبوكين من اجل التعبير بحرية تامة بعيدا عن العقوبات القانونية فضلا عن البلاد مقبلة على اشراقة جديدة من شمس الدكتاتورية باشعاعات مختلفة واساليب مستحدثة هدفها الحفاظ على السياسيات الفاسدة ومحاربة الاصوات المنتقدة لذلك؟؟؟.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat