صفحة الكاتب : محمد الحمّار

الخادم وسيّد العالم
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
على هامش كلمة الوزير الأول الإسرائيلي مؤخرا في الكونغرس الأمريكي والترحاب الذي لاقته من طرف الحضور، قال لي زميل لي في المدرسة إنه تأكد نهائيا من حرص يهود إسرائيل على التحكم بالعالم بما فيه ثورات شعوبه، كما تأكد من تسيّد نتنياهو على الأمم أجمعين.
 ثمّ استمر في تخميرته مُعلنا أنّ اليهود والعرب، معًا، مِلة لا تستجيب لكلام الله، لذا فهي اليوم في أسوأ الأوضاع: واحدة ماسكة بقرنَي الكوكب، مستبدّة بالعباد ومستنزفة للموارد ومُستبيحة لدماء الشرفاء، والأخرى مسطحة على أرض البسيطة، مُذعنة للأمر المُنزّل من سماء الرب اليهودي.
ولمّا سألته عن الحل أجابني من آخر التحليل، مؤكدا أنّ الحل ليس في الإسلام، مُدَّعيا أننا بيولوجيّا فاسدون وأنّ لهذا السبب لا ينفع فينا لا إسلام ولا كلام. حينئذ لم أتملك نفسي وقاطعتُ المتكلم مُوَضحا أنّه لو عكَسَ لأصابَ، إذ الإسلام هو الحل لكن بشرط. والشرط أن يركبَ على فطرة متحررة وطاهرة ومُطهرة من شوائب التاريخ. واستطردتُ مفسرا أنه إذا بدَا لزميلي أنّ الإسلام ليس بالحل فذلك لأنه شاهدٌ على مسلمين يفهمون الدين بعقول غير طاهرة ولا مُطهرة، غير منسجمة مع متطلبات الفطرة، على غرار مَن تركوا الإيمان بالله وبسُنة رسوله ليؤمنوا بما يُفتيه مشايخ اليمين الذين يحثون الناس على الخروج عن أهل اليمين؛ مَن تركوا جانبا مسؤوليات التحرر والتحرير والانعتاق من الاستبداد العالمي، ليتبعوا ملة جبابرة التطبيع مع الصهيونية ومَن وَالاهُم من رؤوس القطيع.
ما فتئتُ أن انتهيتُ من النطحة الأولى حتى استدركَ مُحاوري ولم يرَ بُدّا من الاسترسال في قسوته على العرب وعلى جمعِهم باليهود. فأعربَ عن اعتزازه بجذوره الإسبانية منتهيا إلى التمني لو بقي أجدادُه على عقيدتهم المسيحية، مُبررا موقفه بطهارة جينات قومِ عيسى وخُلوّ الفطرة لديهم من بصمات الانحطاط. 
ومرة أخرى شغّلتُ دفاعاتي، السماوية والدنيوية، فقابلتُ غزوته بصاروخ من عيار ذي اعتبار: المسيحيون، ومَن مَعهم من اليهود، انتفعوا خيرٌ منّا بمزايا الفطرة، فتوصلوا إلى عقلانية كان السر فيها احتكامهم للعقل دون سواه، نظرا لأنّ عقيدتهم عاجزة عن تبيئة العقل مثلما يختصّ به الإسلام.
 واصلتُ حملتي بأن شرحتُ أنّ مُصيبة فكر الإسلام صارت عل نحوٍ من التعقيد لا يفككه لا آل القرض ولا آل السلخ: أن حسَدنا بني عيسى على عقلانيتهم فاخترنا إتباعهم في منوال العقلنة. وانتهى بنا الأمر إلى إتباع الملة بأكملها. فكان لهثنا وراء عقلانيةٍ لن تأتي، بينما لم نُدرك حق الإدراك أنّ عقيدتنا ليست المسيحية (وهل يدرك من يتبع ملة أخرى أنه ليس من الملة؟) حتى نكتفي بالاحتكام إلى العقل دون سواه حَكَما، وإنما عقيدتنا الإسلام، وهو بامتياز دين العقل، بل أنّ الإسلام هو العقل. وكانت آخر النتائج أن خسرنا الاثنين معًا، الإسلام والعقل، وفاز نتنياهو بالاثنين معًا، عقل العالم وعرشه.
أمّ الخلاص فيكمُن في قراءة مقلوبة لهذا الطرح، إذ المسلم الذي على نفسه بصيرة مسلمٌ مُدرك بأنّه كلما تعقل تصالح مع العقيدة، وكلما تمت المصالحة ازداد خدمة لله، وكلما أطاع الله خَدَمته الدنيا؛ وذلك منوال التسيّد عند المسلم، تجسيد لقوله تعالى في الحديث القدسي "يا دُني خدّمي من يخدمُك واخدِمي مَن يخدمُني".
محمد الحمّار
الاجتهاد الثالث
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/28



كتابة تعليق لموضوع : الخادم وسيّد العالم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net