جمهورية السلطان ..من اليمين الى اليسار
حسين جويد الكندي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الانتخابات التركية الأخيرة والتي يبدو أنها وجهت أولى الصفعات لأردوغان وامانيه العريضة .لم تكن بالنجاح المطلوب الذي يبشر به مسعود البرزاني .في رسالة التهنئة التي أرسلها لرئيس الجمهورية الاتاتوركية ( يقال ان أتاتورك ظل يحكم تركيا من قبره )... ففي الوقت الذي كان أردوغان متفائلا من إمكانية حزب العدالة والتنمية في تحصيل الأغلبية المطلقة في البرلمان . كان الاكراد يعملون على تهيج الشارع الكردي ضد توجهات أردوغان الأخيرة التي اتسمت بطابع احزاب وتيارات أقصى اليمين .فقد بدت طموحات السلطان تتجاوز التعديلات الدستورية . أو الحد من صلاحيات النائب العام التركي ..أو حتى التغيير في المؤسسة العسكرية وتحجيم دورها ..من خلال رفض ترقية الضباط ..و اعادة هيكلة مجلس ابامن القومي التركي ..الأمر الذي زاد من سخط المؤسسة العسكرية وادى إلى تقديم ضباط كبار في الجيش التركي استقالاتهم ...
بل تجاوزت طموحات أردوغان كذلك الى ماهو خارج الحدود التركية لتشمل مساحات أوسع من مجرد دعم المجاميع المتطرفة في أغلب البلدان العربية التي تشهد أزمات داخلية .أو حتى البلدان الأوربية التي تربطها بتركيا علاقات تاريخية ..
كانت استراتيجية أردوغان المقترحة قبل الانتخابات كخطة عمل لحزب العدالة والتنمية في حالة فوزه بأغلبية تؤهله لاتخاذ قرارات حاسمة في مستقبل المنطقة من دون إمكانية الاعتراض عليه من قبل الأحزاب أو المؤسسة العسكرية ..تتمثل في كيفية إقرار دستور يعطي مشروعية تبيح لاردوغان استغلال دور تركيا في المنطقة لمصلحة طموحات وأهداف ليس لتركيا فيها لا ناقة ولاجمل .وهذا بدوره بحاجة إلى نظام رئاسي قوي يحاكي النموذج الأمريكي .يتيح له حركة أفضل لدعم الإرهاب في سوريا والعراق .
منذ أن تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا عام 2002 كانت أنظار تتجه صوب تعزيز دور تركيا في المنطقة كقائد ومؤسس لحالة سياسية جديدة .. فبدأ بالضغط على العراق من خلال تقليل حصة العراق من مياه دجلة والفرات مما اضطر الحكومة العراقية إلى الدخول مع تركيا في مباحثات ومفاوضات حول هذا الموضوع ..ثم جاءت 2003 ..وهنا كان لتركيا الدور الرئيس في دعم كل ما من شأنه تهوين حكومة بغداد ..
أما في مصر وسوريا فقد استغل أردوغان حالة الاحتقان الجماهيري للتدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول وهو ممثله الزيارة التاريخية له لمصر بعد حصول حزب الحرية والعدالة الذي أسسه إخوان مصر قبيل الانتخابات المصرية .على أغلبية ساحقة في الانتخابات المصرية ..ودعمه للفصائل المسلحة السورية وحتى المتطرفة منها .
كل ذلك كان محاولة لرسم الأدوار الجديدة لتركيا في المنطقة والتي كانت عبارة عن مقدمات للحصول على أغلبية في البرلمان التركي في الانتخابات التي انقضت قبل أيام .والتي لم يحصل فيها حزب العدالة والتنمية الاردوغاني على الأغلبية التي يحلم بها .
وبالرغم من أن مرحلة التواصل الثقافي بين النخب التركية والعربية ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لاتعبر دليلا على وجود أو اتصال تنظيمي أو حزبي بين إخوان مصر وتيارات الإسلام السياسي في تركيا .وإنما كانت عبارة عن تواصل ثقافي في مستوى الوعي الديني بين العرب و الأتراك ولم يمثل أي شكل من أشكال الارتباط الحزبي أو التنظيمي ....
فقد دارت الشكوك وخاصة بعد ثورة 25 يوليو 2011 في مصر عن دور تركي اخواني متبادل .....هذا الواقع ووضحه بشكل أكبر ووضع حد لكل تخصصاتها عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المصري المنحل بالقول : أن تركيا لايمكن لها أن تقود المنطقة أو رسم مستقبلها بمفردها ..في إشارة واضحة للندية وعدم ارتسام ملامح التعاون المتبادل .
إلا أن أردوغان حاول وجهد كبير إلقاء نوع من الوصاية التركية على التيارات الإسلامية العربية وبصورة خاصة اتضحت تلك الوصاية في البلدان التي تشهد أزمات داخلية .في محاولة لريادة تركية على حساب الداخل التركي
من جهة أخرى تشهد تركيا ومنذ عقود خطرا يتمثل في الأحزاب الكردية .واجزم أن تصوير الاكراد باعتبارهم خطرا على مستقبل تركيا أمر بالغ فيه واستغلهبشكل فاضح حزب العدالة بقيادة أردوغان ..لتحجيم الأدوار التي يمكن أن يلعبها هذا الحزب في الداخل التركي الذي يشكل الاكراد نسبة مناسبة فيه لإحباط الأدوار المتصورة لأي حزب يمكن له أن يفكر في رسم مستقبل غير منسجم مع امال وطموحات الشعب التركي .
ومن هنا نفهم سبب انشراح صدر البرزاني بنتائج الانتخابات التركية . وتيمنه بحزب الشعوب الديمقراطي وامله في أن يلعب الدور ذاته التي لعبه الحزبين الكرديين في البرلمان العراقي . خاصة أن هذا الحزب تجاوز مستوى 10% .مما يؤهله للعب دور في البرلمان التركي الجديد ..خاصة في ظل الدخول القوي القوميين الأتراك هذه المرة كذلك ... وهو ما أهل حزب الشعوب للقول :بأن الحزب يمكن أن يدخل في أي ائتلاف ليس فيه حزب العدالة ..مما اضطر أوغلو للتصريح : بأن حزب العمال الكردستاني المحظور سيقوم بتمرير مشروعه السياسي عبر النواب الاكراد .
تركيا فيما يبدو ستدخل مرحلة من الانكفاء على مشاكلها الداخلية لأربع سنوات مقبلة .. وهذا بحد ذاته عامل إيجابي يجنب المنطقة مزيدا من التوتر ..خاصة مع التقارب الإيراني الأمريكي ..ونمو دور السياسة الإيرانية في المنطقة التي السياسة التي غالبا ماوصل بالناعمة خاصة عند تداولها للشأن العربي ..وهو مايفتح الباب على مصراعيه للتنافس الإيراني التركي .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
حسين جويد الكندي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat