صفحة الكاتب : غفار عفراوي

ماذا أعطاك الجلبي ؟؟
غفار عفراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يتكرر عليّ هذا السؤال منذ أن بدأت بكتابة منشورات عن الراحل (شهيد النزاهة ) الدكتور أحمد الجلبي وذلك من خلال التعليقات التي ترد في وسائل التواصل الاجتماعي أو الاحاديث الجانبية أو حتى من خلال كلام المعارف والاقرباء .ولكي أريحهم جميعاً يجب عليّ أن أعطي الأسباب التي دعتني للكتابة والدفاع عن شخصية الراحل المغدور.
عرفت الجلبي منذ أول يوم دخل الى العراق عن طريق الناصرية حيث صعد المنصة ليلقي خطبة وكانت معه ابنته تمارا وشيخ معمم وبعض المرافقين ، إلا أنّ الجماهير المحتشدة بدأت بإطلاق الهوسة العراقية باللهجة العامية " ماكو ولي إلا علي نريد حاكم جعفري " وهي رسالة الى الدكتور بان الشعب يرفض الشخص العلماني حليق اللحية وابنته غير المحجبة !! ومن هنا علمت أن مستقبل العراق مجهول .
عرفت الجلبي مرة ثانية حين زار الناصرية في جولة تفقدية قبل انتخابات البرلمان الثانية على ما أذكر وحينها كنّا قد تعبنا من حكم ساسة الصدفة الذين أتت بهم المحاصصة، وأنا شخصياً كنت أنظر له أفضل من يستطيع أن يحكم العراق ، فسألته متى يا دكتور تستلم الحكم ؟ أجابني بابتسامته المعهودة : هذا الأمر عائد لكم وليس لي ، فقلت له إذن لن تكون رئيساً أبداً، فضحك وغادر .
عرفته حين علمت أنه زعيم المعارضة العراقية في الخارج وأن جولاته المكوكية في دول العالم أتت ثمارها بإصدار قانون تحرير العراق عام 2003 ، فكان له الفضل الكبير بعد الله وبعد ثورة محمد الصدر الفكرية المجتمعية بإزالة أعتى طاغية في تاريخ العراق، وبدأت صفحة أخرى كانت من الممكن أن تكون مشرقة ورائعة لولا بقاء الامريكان في العراق والعداء الكبير الذي نشب بينهم وبين الجلبي الذي عارض بقائهم في العراق بعد 2003 وهذا كان السبب الرئيسي في إقصاءه من إستلام الحكم في أكثر من مرة يكون مرشحاً كبيراً للفوز إلا أن احزاب وتيارات متعاونة مع المحتل وتخشى من مكانة الجلبي كانت تسد الباب بوجهه وحرمت العراق من فرصة كبيرة للتطور والتغيير المنتظر.
عرفته حين قرأت عن تاريخ عائلته الناصع البياض ، وعن التبرعات الكبيرة الضخمة للأضرحة المقدسة ومنها الضريح المقدس للإمامين الكاظمين عليهما السلام الذي فتح له بابه واستقبله بجواره في نهاية حياته فكان أفضل منصب وأعلى وأرفع مكانة ممكن أن يحصل عليها إنسان في العالم .
عرفت أنه وطني ومتواضع لانه لم يرفض أن يكون في لجنة صغيرة تشرف على متابعة شؤون المجالس البلدية في بغداد أيام حكومة المالكي الاولى وقد أجاد واجتهد في هذا العمل الذي لم يستمر فيه طويلاً بسبب خوف المالكي من بروزه وسطوع نجمه أمام الناس كما ذكر ذلك عزت الشابندر في أول حوار بعد وفاة الجلبي.
عرفته حين علمت أنه كان لا يسمح بالانتقاص من أشد وألد أعداءه في العملية السياسية من الذين كانوا يتحينون الفرص لإزاحته عن المشهد ، إلا أنه كان يكرر دائما "لا تتحدثوا عنهم بسوء مهما كانت مواقفهم معي لأنني لا أرضى أن يكون بيني وبينهم أي عداء ظاهر فتستغله الفضائيات البعثية المعادية"! . وهنا أذكر حادثة مهمة حين كنا جالسين معه وصار الحديث عن الفشل الكبير في حكومة المالكي الثانية وبدأ أحد المتحدثين بالنيل من المالكي بعبارات حادة ، فانزعج الجلبي وطلب عدم سب او شتم المالكي لأنه مهما يكن شيعي وعراقي !!
عرفت الجلبي حين علمت بحجم المساعدات المالية التي كان يقدمها للطلبة العراقيين الشيعة الهاربين من صدام في كردستان العراق، وكذلك التبرعات الكثيرة لبناء عشرات الحسينيات في أماكن عديدة .
قرأت عن الجلبي شهادة من أحد الصحفيين (أحمد الياسري ) الذي تعرض الى مضايقات كبيرة في تركيا وكردستان ووصل الحال به ان يقوم ببيع دمه لكي يستطيع ان يصرف على نفسه، فقام الراحل الجلبي بمساعدته والاغداق عليه بالكرم والاخلاق الفاضلة
عرفت الجلبي حين شاهدت واستمعت لعبارات السياسيين في مجلس العزاء وقد أجمعوا أنّ الجلبي هو السياسي الاول والاقتصادي الاول والرمز العراقي للمعارضة ضد البعث وأنه كان لا يفكر في شيء أكثر من العراق والعراقيين .
عرفت الجلبي شخص صالح حين حارب الفساد بقوة في أول فرصة تمنح له برئاسة اللجنة المالية للبرلمان وكان يتحدث عن فساد كبير تشترك به رؤوس كبيرة وكان قد وعد بفتح الملفات ونشرها أمام الرأي العام إلا أن القدر والقضاء المحتوم وظلم ذوي القربى وهجمة البعث عبر إعلامها الأصفر حرم العراق من فرصة تاريخية لاسترجاع ما سرق منه عبر 13 عام من قبل الاحزاب الحاكمة جميعاً.
عرفت الجلبي على حق حين كشرت الفضائية البعثية الصفراء عن أنيابها القذرة لتبث سمومها وتترك كل شيء إلا معاداة عدو البعث والبعثيين وهذا شيء منطقي بطبيعة الحال .
واخيراً أقول : كتبت عن الجلبي لأنني أحب العلماء وهو عالم بالرياضيات والاقتصاد والسياسة والاجتماع .. وكتبت عنه وسأبقى أكتب لأنني لست جاحد واعلم أنه سبب من أسباب الخلاص من نظام لم نكن نتصور أنه سينتهي أبداً..
أفلا يستحق هذا الشخص الذي أتصف بالتواضع والطيبة والكرم والشجاعة والعلمية أن نذكره بخير !!؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غفار عفراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/11



كتابة تعليق لموضوع : ماذا أعطاك الجلبي ؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/11/12 .

السيد غفار عفراوي
السلام عليكم .
يستحق منا السيد الجلبي رحمه الله كل الثناء والتقدير لكل مابذل من جهد ونضال في سبيل قضية شعبه ووطنه ..وسيان عندنا معتقده السياسي سواء كان علماني ٱو ٱسلامي .المهم ٱنه ٱخلص بعمله الذي ٱثمر بزوال حكم ٱستبدادي .والغاية تبرر الوسيله .
لكن ٱختلف معك في في وصفه .بالمغدور .ليس لأٱني ضد فكرة عملية ٱغتياله .ولكن حرصا على المصداقية وعدم ٱستباق ٱلأحداث .وقولكم مغدور .يعني تٱكيدكم لهذه الفرضية دون دليل يدعمها .تٱتون به .وٱتفق معكم على ٱنه مغدور سياسيا لو عنيتم ذلك .
فالسيد الجلبي ورغم دوره الكبير في عملية التغير ٱلأ ٱنه غبن من قبل شركاءه السياسين .ولم ينصفه ٱحد ولو بمنصب يليق بمكانته .وتحجج الجميع بالاصوات الانتخابية التي لم يحصل على كمية مناسبة منها في الانتخابات .فالاحزاب ٱلأسلامية كان لها حصة ٱلأسد من الاصوات والتي مكنتها من ٱخذ مناصب سيادية مهمة في تشكيل الحكومات .ولأٱن مجتمعنا ذو خلفية عشائرية دينية ٱستطاعت الاحزاب الدينية من خلال الدين كسب وده وٱلزامه التصويت لها .فحرمت شخصيات علمانية كالجلبي تمتلك خبرة وسعة ٱطلاع من فرصة المشاركة الفاعله من خلال منصب مهم في بناء الدولة .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net