قيادة المجتمع والهوية الضائعة
وليد كريم الناصري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
القيادة؛ مفتاح يحرك ماكنة الدولة، وتفعل دور المجتمع على مستوياته، وتنشأ القيادة الناجحة من رحم المجتمع، وتأتي بمستويين الديني والسياسي، وقد يجمعهما القائد الناجح، شرط أن تحفظ السياسة ثوابت الدين، ويتفاعل الدين مع متغيرات السياسة.
يقال (القانون يكفل حقوق المجتمع، ويؤهلنا للإستغناء عن الدور القيادي)! ولكن ألا نحتاج الى قيادة قادرة على إدخال القانون حيز التنفيذ؟ يقول الله تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا)،لم يكتف الله بتنزيل الكتب السماوية ويرى من الواجب وجود القائد الذي يُفَعِل القانون الإلهي، وهذا يفسر حديث الرسول: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) وبذلك ترك قرأن وقيادة، وليس كما يشاع بكلمة سنتي، إذ لا فائدة من كتابين بلا قيادة.
وجود المناصب والإمتيازات في الدولة، لا يعني تشعب القيادة بينهم، للقيادة شروط التأثير بالمجتمع بما ينفع الناس، كَثُرت أزواج النبي وأصحابه، ولكنه إختص بأصحاب الكساء للخروج بالمباهلة! لم تكن تلك الحادثة آنية بالوقع، هي تعريف أيضا بالقيادة الجديدة المؤهلة لقيادة الأمة مستقبلاً.
بعد دخول المسلمين أسبانيا، أجتمع العرب والبربر والصقالبة، يقاتلون الأسبان، فكان جُلَ ما يخافه الأسبان أحد هولاء الثلاثة، ولكن ما إن دب بقياداتهم الطمع! وحب الشهرة والانزواء خلف الغنائم، دب الإقتتال وضاع الإنتصار، وصار العرب يشربون الخمر بجماجم قتلاهم البرابرة والعكس! وراح ملوك الطوائف يبعيون قاداتهم ومستشاريهم في سوق النخاسة، وسط مجتمع إنحرف هو الأخر بين العود والقيان، والسكر والملذات.
من بعد هذه المقدمة الإسلامية حول القيادة وحيثيتها، لابد من التعريف بالقائد، يقول د. نظام الدين أوغلو: (هو الشخص الذي يستخدم نفوذه، ليؤثر على سلوك وتوجهات الأفراد من حوله، لإنجاز أهداف محددة) ويتابع قائلاً:( ويهتم بالبعد الإنساني والتطبيقي، والتجديد والتغيير، وأن يكون مصنع لقادة الأجيال).
نسأل أنفسنا الآن، لماذا نصنع القائد؟ وما أهميته؟ لدرجة قول الرسول:(إذا خرج ثلاثة في سفر فليأمروا أحدهم)، القائد؛ أداة رابطة بين المجتمع والدولة، وتذيب مفاهيم الإنتماءات في مواقد الوسطية، وأهم ما يمييز القيادة الناجحة بأنها بالقرب من حياة الأفراد، وتشعرهم بالإحترام المتبادل، مع أعطاء فرصة وجودهم ضمن حلقات الرأي وطلب المشورة، عبر منظمات مدنية مجتمعية تمثلهم.
على الرغم من تواجد الأحزاب والتجمعات وقاداتها بصورة ملفتة للنظر، وقد يرى البعض تعددها وكثرتها هو سبب الأزمة في بالبلد! إلا إنه أذا سقطنا تلك المفاهيم على الساحة العراقية، سنجد هنالك قادة بأمس الحاجة الى المجتمع الواعي، وأقرب مسميات القيادة للنجاح "تجمع الأمل" أو ما يسمى (مصنع القادة)، إذ يحمل مشروع يستقطب أكسير المجتمع، ويمهد لقيادة دولة منشأها الشباب، تعنى بالدولة العصرية العادلة مستقبلاً،
يتركز "الأمل" على الشباب، وأصحاب الكفاءات وإنتشالهم من تيه الضياع، وتوفير بيئة مناسبة وتهيئتهم لقيادة الأجيال، ولا يمثل تحزب أو تكتل، بل يختص بالطبقة الشبابية على عمومياتها، وهذا ما لا يوجد في باقي المسميات، ولا يقتصر على الجانب السياسي،هو تنظيم واسع لإستيعاب الأمة، وبناء دولة عصرية، ومنظومة أخلاقية، تستجمع الدين والحضارة والهوية.
يقول الإستاذ "بليغ أبوكلل" مسؤول القيادة المركزية للتجمع: (الشاب في الأمل يتطور كقائد حقيقي، وسيكون له دور فاعل في كل مساحات عمله، والأمل ينشد التجديد والمواطنة، ويمنح الفرصة والغطاء السياسي للعمل كلٌ وفق طاقتهِ) إذاً هو دعوة لتبادل الأدوار بين الحاكم الفاشل، والطاقة الناقدة الكامنة، ويمثل الفضاء الذي يستشعر الفرد فيه أهميته بأخذ الدور القيادي، وبذلك حرص الأمل على صناعة القادة، وأيجاد هوية القيادة الضائعة في التكتل المجتمعي.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
وليد كريم الناصري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat