صفحة الكاتب : حاتم حسن

فيلم هوليود "الأربعين العظيمة" أكذوبة واليكم الأدلة!
حاتم حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  

مرة أخرى يقع المتلقون للمواد الإعلامية المنشورة على برامج التواصل الاجتماعي ومواقع النت، يقعون ضحية معلومات مفبركة بسذاجة، وتلفيقات واهية، حيث أحد أهدافها استجداء الإثارة وخطف الأضواء، على حساب تشويه الحقائق وإرباك مصداقية المنتج الإعلامي، الذي يعاني من سقم واضح في هذه المصداقية حالياً، نتيجة ممارسات بعض المتطفلين والطارئين على الساحة الإعلامية، أو ممّن "فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا". فمع اقتراب الذكرى السنوية لأربعينية استشهاد الإمام الحسين (ع) في واقعة كربلاء، وتكثيف الاستعدادات لتسهيل المسيرة المليونية في ذكرى زيارة الأربعين (المشّاية)، والتي يشارك فيها ويتابعها عشرات الملايين من أتباع أهل البيت (ع)، اختار أحدهم أن يستثمر هذا الحدث الكبير والتوقيت المدروس ليمارس عملية اصطياد الصيت والشهرة، وربما تمرير غايات أخرى خفية، لضلوعه في سوابق مشبوهة، حيث اقترف فبركات خبرية أثارت لغطاً لا بأس به، فاستمرأ هذا المسلك، واليوم جاء بفبركة أخرى، جعل موضوعها: "فيلم هوليودي بعنوان [الأربعين العظمية] عن مسيرة زيارة الأربعين بكلفة أولية 200 مليون دولار"! طبعاً لا بد من ذكر ان الخبر (أو التقرير) الآنف تم تداوله بكثافة على وسائل التواصل، وكذلك نشرته بعض المواقع على صفحاتها، فاستدعى الأمر دحض هذه الفبركة بالدليل، حينما غابت –أساساً- عن التقرير ذاته أية أدلة تتطلبها شروط توافر المصداقية في أي خبر أو تقرير موجّه الى جمهور عريض مستهدف به، كالذي نحن بصدده! أما مفبرك الخبر (أو الكاتب مجازاً) فهو "فلاح القريشي" الذي يدّعي انه يكتب من لندن، والقريشي هذا يتخفى وراء اسم مستعار، وليس هناك من دليل على وجود شخص يحمل هذا الاسم، سوى إيميل يراسل به المواقع (ويمكن أن يسميه ما يشاء)، وصفحة شخصية له على الفيسبوك، غابت عنها أية صورة شخصية له، أو معلومات دالّة أخرى! طبعاً، ليس مناط التفنيد للفبركة هو شخص هذا المستعار، بل ما نشره بخصوص "الأربعين العظيمة"، وكان لي سابقاً دوراً في فضح فبركاته المتناثرة هنا وهناك، ويُتوقع (ضمن التوقعات) وقوف جهات مشبوهة خلف هذا الحساب الفيسبوكي لتبث موادها وفبركاتها بالاسم المستعار.   
في البدء يتذاكى القريشي ولتدعيم الحبكة في فبركاته، فيختار بعض الأسماء المعروفة والأحداث او المعلومات الشائعة، او ذِكر مؤسسات كبيرة، وهنا في تقريره الأخير لجأ الى إقحام شخصيتين محورتين؛ الأولى "سارة بن باديس" التي يصفها بـ"الصحفية والمونتيرة البريطانية ذات الأصول الجزائرية [المستبصرة]، التي كانت تعمل في بي بي سي الإنجليزية في المملكة المتحدة، ومن ثم التحقت بشركة [سوني بيكتشرز إنترتينمينت] للإنتاج السينمائي في هوليود"! والثانية "كاثرين بيجلو" التي يذكر انها "المخرجة الأميركية، وأول امرأة في العالم تنال الأوسكار"! وبهذا مهّد –في ظنّه- ذهن المتلقي لتصديق فبركته عبر اسم مخرجة هوليودية معروفة وأخرى خبيرة تقنية في المجال السينمائي..! والآن جاء دور تبديد ما بنى عليه القريشي فبركته فيما يخص الاسمين. وابدأ بالجزائرية المزعومة (طبعا هو لم يوثق شيئا عنها سوى الزعم)، حيث بعد التقصّي لم تظهر أية معلومة لا في أرشيف محطة البي بي سي ولا في فضاء النت عن هذه (المستبصرة) المونتيرة! وكل ما حصدناه هو وجود امرأة جزائرية بنفس الإسم، لها حساب شخصي على الفيسبوك، وتعمل في صناعة العطور، وليس هناك أية إشارة لـ(استبصارها) المزعوم؛ بل وتبدو متبرجة، وآخر منشور لها في 26 شباط 2016 (هذا رابط الصفحة goo.gl/8yD1Ol).
يسترسل الكاتب في سرد ما يزعم انها رسالة من سارة الجزائرية تخاطب فيها الإمام الحسين (ع)، ويشغل نَصّها أكثر من نصف محتوى تقريره، فيتبخر هنا الهدف من أصل (الخبر أو التقرير) الذي يفبركه الكاتب، وهو "إنتاج هوليود" لفيلم عن الـ(مشّاية) في ذكرى الأربعين (لم يذكر هل هو روائي أم وثائقي؟)، وفحوى الرسالة المترعة بالأخطاء النحوية والإملائية عبارة عن سرد وجداني منسوخ من كثير من المستبصرين من المغرب العربي، ولا يضيف جديداً للمتلقين يدعم صحة التقرير المفبرك عن الفيلم المزعوم!
أما المخرجة الأمريكية كاثرين بيجلو (Kathryn Bigelow) فهي مخرجة لها 9 أفلام روائية، ومولعة بإنتاج أفلام العنف، كما أخرجت عدة مسلسلات تلفزيونية، وأفلام روائية قصيرة مع أخرى وثائقية، وتعمل هذا العام على إتمام فيلمها الوثائقي القصير"The Protectors" حول عصابات الاتجار بالعاج وإبادتهم للفيلة، أما مشروعها لعام 2017 فهو الفيلم الروائي "Untitled Detroit Project" والذي يتناول حادثة وقعت في ديترويت عام 1967 وتحولت الى أحداث شغب في عموم الولايات المتحدة. المعلومات المنقولة آنفاً هي عن صفحتها في الموقع الأميركي الشهير "IMDB" المتخصص بأخبار الفن السابع ومشاهيره وما تنتجه هوليود (رابط صفحة المخرجة goo.gl/8o2koG)! كما تم العثور على ثلاثة حسابات فيسبوكية باسم المخرجة، ولكنها منتحلة أو لمعجبين بها، وأغلبها شبه متوقف ولا يزيد عدد متابعيها على 70 متابعاً! كما لا يوجد أي حساب للمخرجة على تويتر! من هنا يتوضح ان بيجلو غير معنية أساساً وحسب أجندة أنشطتها بما يدور في رأس القريشي المسكون بالأكاذيب، خصوصاً وهو يبتكر رقماً كبيراً أولياً (200 مليون دولار)، ولم يفصح لنا كيف تسترجعه الشركة المنتجة مع الأرباح المتوقعة، ولماذا أساساً تهتم هوليود بتعظيم شعائر الشيعة ونشرها عالمياً والبذخ عليها؟ أم هل استفاقت هوليود وداعموها على توبة نصوح داهمتهم، وهداية غيبية أحالتهم الى مأسورين بالشعائر تلك؟ واذا كان الأمر كذلك؛ فعلى القريشي وحده تقع مسؤولية شرف الإفصاح عن هذا السبق الصحفي (بالدلائل والوثائق طبعاً)!
حينما يكتب القريشي هذيانه وأكاذيبه كـ"الأربعين العظمية" يشطح به خياله المريض الى زوايا تصلح حقاً مادة للتندر والسخرية، فهو يتوهم (أو يلفق) انه يقابل زعماء أصدقاء ويشرب معهم القهوة في المقاهي ويبوحون له بأسرارهم وخططهم في محلات البقالة! وأعتقد انه لا يوجد نصّ (لا يمكن تسميته مقال؛ بل ثرثرة) يمكن أن يختصر كاريكاتورية عُقد وهذيان الكائن المصطنع "القريشي" أفضل من هذا النص المذيل باسمه (الرابط goo.gl/kj88uQ)، ويحق للقارئ وبعد اكتشافه ضحالة الفبركات، أن يتحسر على الدقائق التي ضيّعها هباء في قراءته لثرثرة هذا الكائن المستعار وهو يلفق لفيلم الـ"الأربعين العظمية"!
أما القشة التي قصمت ظهر البعير القريشي سابقاً، فكان فبركته لـ"حوار مطوّل" في أواخر العام المنصرم، وعنوانه "محمود عثمان يصف لنا وضع الشيعة والسنة والكورد وغيرهم بعد 2003"، ويقصد في حواره المفبرك السياسي العراقي الكردي المخضرم "محمود عثمان"، وقد سوّد القريشي المزعوم تلك السطور بكمّ هائل من الأكاذيب والافتراءات التي أراد لها أن تفجّر الكثير من الدمامل السياسية وتؤلب الجميع ضد الجميع (هدف استخباري)، وبعضها ينطبق عليه مقولة "خبط عشواء"، والأغرب ان نشر تفاهات القريشي تلك قد كشفت هشاشة الوعي الإعلامي لدى الكثير ممن يديرون المواقع "المشار لها بأنها إعلامية" والتي ابتلعت تلك الأكاذيب؛ بل وسوّقتها بحماس منقطع النظير، وكأنها سبق صحفي خصّها به الوريث الصحفي للإعلامي والكاتب الشهير "محمد حسنين هيكل"! طبعاً كل ذلك جرى في أجواء من التنويم المغناطيسي لتلك المواقع، التي لم يكلّف أحدهم نفسه ليتقصى عن هذا الـ"فلاح القريشي" الذي قذف بتلك الأكاذيب الى إيميلات المواقع، وهو المستعار الذي لم يعرف له أي أثر (سوى الايميل)، والأنكى ان أحداً من أولئك لم يأخذ في الحسبان ان السياسي محمود عثمان معروف عنه تأنّيه وحصافته ودبلوماسيته في إبداء الآراء واطلاق التصريحات، وهو المخضرم في الوسط السياسي العراقي، فكيف يتوقع منه أن يفجر كل تلك القنابل الصحفية ويأتمن شخصاً مستعاراً ونكرة على نشر دَوّيها وشظاياها في وسائل الاعلام؟!
طبعاً لم يطل الأمر كثيراً في ترويج الحوار المزعوم، فلقد أصدر السياسي محمود عثمان تكذيباً شديد اللهجة ينفي أي صلة أو معرفة له بالقريشي، كما استهجن تسارع مواقع النت "التي صدّقت ونشرت تلك الأكاذيب الرخيصة دون أن تكلّف نفسها عناء تقصي الحقائق" في نشر الحوار المفبرك، والأفظع ان بعض تلكم المواقع التي تدّعي الالتزام بالضوابط المهنية والموضوعية قد أصرت على إبقاء تلك الفبركة على صفحاتها، حتى انه لم يخطر على بال القائمين عليها التساؤل؛ لماذا لا يدافع القريشي عن نفسه أمام تكذيب محمود عثمان، فيعرض مثلاً تسجيلاً مصوراً لذلك "الحوار الخطير" المزعوم، أليس هذا ابسط ما يتوقعه المتلقي من أي صحفي أو كاتب اذا ما تم اتهامه بالفبركة والتلفيق؟! 
ان من حق المتلقي أن لا يتعرض الى التضليل والكذب والافتراء، خصوصاً اذا كان هذا التضليل يمس مواضيع حساسة وملفات خطيرة لها تماس مباشر بالراهن اليومي والتأزم القائم، ومن مسؤولية وسائل الإعلام بتنوعها، التي تنشد خدمة الجمهور وإيصال الحقيقة كما هي اليه، ان تبذل جهوداً مضاعفة لقطع الطريق أمام المدلّسين والمفبركين والانتهازيين الذين يستثمرون أجواء حرية النشر ليتقيأوا كل عُقدِهم ومآربهم السقيمة، أو يحصدوا الأضواء والشهرة، أو يستغلوا وسائل الإعلام والحرية المتاحة للتلويح بهراوتهم في وجه من يريدون ابتزازهم من السياسيين أو غيرهم، ناهيك عن ان أغلب هؤلاء من المدسوسين، يستثمرون ايضا تلك الأجواء بغية بثّ الإشاعات، والنفخ في نار الفتن وتشويه الحقائق وترويج الأكاذيب، وخلق حالة من انعدام الثقة بمجمل المنتج الإعلامي، كجزء من أدوات الحرب النفسية للمتربصين، التي تبني السدود بين المتلقي والإعلام الذي يُفترض انه مصدره وبوابته الى فهم الواقع والاطلاع على الحقائق.
كما ان من مسؤولية المتلقي أن لا يسارع الى تصديق وترويج كل ما يُنشر أو يذاع، أو يتعامل معه على انه حقائق مطلقة لا تحتمل الشك والنقاش، حتى وان كان ما يُنشر يصطبغ بطابع إيجابي (كالفبركة الأخيرة للقريشي)، اذ الخطير في ذلك ان "الحقائق" ستصبح عرضة للانتهاك والتلاعب، وتنكمش مساحتها مقابل تمدّد واستحواذ الوهم والخرافة والتلفيق، وينتعش بذلك سوق الأفاقين والمفبركين.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حاتم حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/01



كتابة تعليق لموضوع : فيلم هوليود "الأربعين العظيمة" أكذوبة واليكم الأدلة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net