صفحة الكاتب : عبد الزهره الطالقاني

النهـرُ الـرابعُ
عبد الزهره الطالقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في العراق نهران خالدان عُرف بهما وسُمي بإسمهما ، وأطلق عليه أرض السواد لكثرة زرعه ونخيله، بحيث لا ترى أرضاً يباب .. وهذا من خير النهرين وفيضهما .. والنهر الثالث او هكذا اطلق عليه حينها، حُفر زمن الطاغية ليوصل الماء العذب إلى البصرة .. فتحول ذلك النهر إلى مبزل ماؤه الملح الأجاج ،فزاد ملح البصرة ملحاً .

النهر الرابع أيها الأخوة لونه يختلف تماماً، فهو يجري مذ صار العراق عراقاً، بأوره، وآشوره، وأكده، وبابله، وحضره، ونينواه، وأنباره، وكوفته، وبصرته، وبغداده، وكربلائه. ومنبعه ليس كبقية منابع الأنهار .. إنه ينبع من رقاب الناس وجراحاتها .. النهر الرابع الذي أسرع جريانه وأمتلأت وديانه وفاضت شواطئه على المدن العراقية، اليوم في منطقتي جميلة والبلديات، والأمس في ساحة 55 في مدينة الصدر وفي مدينة الشعب والزعفرانية .. المستشفيات أصبحت بحكم إجرام داعش منبعاً آخر لهذا النهر، فقد أُستهدفت مستشفى الكندي في ساحة النهضة بعجلة مفخخة وأستُهدفت مستشفى الجوادر وبالذات ردهات الطوارئ ،ولم يكن تفجير الكرادة ببعيد، فقد بكى النهر دما بعد أن فاضت على جانبيه .. الطاغية وحده أزهق أرواح مليون ونصف المليون عراقي وأتى بعده داعش ليتم ما بدأه الدكتاتور .. الحروب المتتالية والإبادات والمقابر الجماعية والأخطاء العسكرية والحوادث المرورية والأوبئة والسرطان .. إنه نهر دائم الجريان . فقد ذكرت تقارير الامم المتحدة أستشهاد وجرح 1452 عراقياً بأعمال عنف وتفجيرات خلال شهر كانون أول الماضي، وكانت الأشهر التي مضت من عام 2016 قد سجلت أرقاماً تفوق الألفين ضحية في كل شهر بين شهيد وجريح .. لذلك سجل عام 2016 سقوط أكثر من 19 ألف ضحية حسب إحصائيات المنظمة الدولية.. التي تعد قتلانا وجرحانا وتحسب قطرات دمنا التي تسيل ،والدول الكبرى تزودنا بالسلاح لإدامة المعركة، وتأخذ نفطنا حتى أصبح الشعار الاكثر رواجا(النفط مقابل السلاح) السلاح الذي إنتشر في كل مكان بعد أن كان بيد المقاتلين ورجال الامن ،ويخزن في المشاجب والمعسكرات .. فصارت مخازنه بيوتنا، ومقرات الاحزاب، وغرف النوم، حتى أضحت البيوت مشاجب، والقرى معسكرات، والعشائر فيالق، تمتلك من السلاح خفيفه وثقيله، قريب المدى وبعيده، بنادق ورشاشات وهاونات ومدافع وراجمات وقذائف الصواريخ وعبوات وقنابل يدوية واكداس عتاد فإذا إنتهت معركة، تبدأ معركة أخرى أشد ضراوة، وإذا أخمدت نار فتنة، أيقظ من لعنهم الله فتنة أخرى . إنه نهر دائم الجريان منذ ألاف السنين، ويبدو أنه مستمر بالجريان، وإذا ما توقف جريانه يوماً ما، تتوقف حياتنا، فهو شرياننا، لكنه ليس مغلقاً، بل مفتوح من المنبع إلى المصب .. فيا له من نهر قان .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الزهره الطالقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/11



كتابة تعليق لموضوع : النهـرُ الـرابعُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net