صفحة الكاتب : عباس العزاوي

أيِّ جُرحٍ تُرى قد مَسَّكَ الألمُ
عباس العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مازال العراق ينوء بعبأ التآمر البعثي القديم ـ الجديد  ومازلنا نحلم نعيش بوطن مابيه ظلم منتشر .. حجي الجذب ينتهي والناس تاكل خبز مع  " شوية "كرامة وحرية, ومازلنا نقدم الكثير من التنازلات عن احلامنا المشروعة وغير المشروعة , فمنذ سقوط الحُمم البركانية على رؤوسنا ثمناً لاسقاط  البعث وقائده المعتوه ونحن نعيش في دوامة لاتتوقف من الصراعات الدائمة والازمات , كـأن العراق اغتال احد انبياء الله فحلت عليه  لعنات السموات والارض وتظافرت جهود كل الابالسة للانتقام منه!! فهل جاء كل هذا بالصدفة ؟ ام ان شياطين الجن والانس تعبث بشؤون البلاد وتخطط له مساراته وسياساته الاستراتيجية العليا وتحرص على ان يبقى ضمن دائرة الزمن المثقل بالآهات والدموع الحرّى وتحت وابل النيران والموت بانواعه!

فما عدنا نتوقف كثيرا عند كل نازلة تحّل بنا , وماعدنا نعرف من ايّ جرح مس عراقنا الالم , فما نكاد نكمل صرخة الالم الاولى حتى تنزل مصيبة اخرى اشد ايلاماً ونزفاً .... واخرى , واخرى تتبعها, حتى بدأنا لانستأنس الا بالحسرة والالم  ولانجد صديق اكثر التصاقاً وحميمية الا الموت, صديقنا الوفي الذي مافرقنا منذ سنين طويلة كأنه خُلق لااهل له الا ابناء العراق  يلوذ بهم ,فكم من الابرياء صاروا اضاحي للمُدى؟ وضحايا المفخخات الارهابية وتناثرت اشلائهم لتمتزج بتراب العراق ومياهه واغتيالات بكواتم الصوت قد طالت الجميع! وكم من الاطفال باتوا فريسة الجوع والفقر واليتم والتشرد او منهم من صار طعام للاسماك في نهر دجلة.
ترى هل مس العراق ألم جرح الاعدامات الواسعة لخيرة شبابه الوطنيين ايام الطاغية ؟ من اسلاميين وشيوعيين , ام ياترى جرح الحروب الدموية الطويلة وماحصدت من الارواح الطاهرة لرجالاتنا دون طائل لنعود بعد ذلك لتفاقية الجزائر 1975, ام مسه ألم جرح هزيمتنا في عاصفة الصحراء الامريكية وسحقها لمئات الاف من الجنود العراقيين المنسحبين من الكويت؟ ام هو خنوع قادتنا وجنرالاتنا " الاشاوس" في خيمة الذل والهوان في صفوان, ام يا ترى مسه جرح ايام الحصار التي شوهت قلوب وارواح العراقيين ونفوسهم بسبب الجوع والحيف والحرمان!!
ام يا ترى مس العراق ألم جرح حجب الانهار من قبل تركيا بسدودها الكثيرة؟ وايران بجر نهر الوند للعمق الايراني وقتل اراضينا عطشاً وجفافا ؟ ام قصف قرانا الحدودية بحجة مطاردة المتمردين على سلطانهم.. ام ياترى مس العراق ألم جرح مشاريع الكويت الكيدية الخانقة لمنافذنا البحرية واعتداءاتها المستمرة على الصيادين العراقيين واذلالهم.... يالهوان الدهر ان نرى هذه الدويلة الضعيفة تتطاول علينا دون ان نمتلك حق الرد المناسب!! فساستنا منقسمون حتى في هذه!! وزيبارينا صار اكثر حرصا على  مصالح الكويت من اهلها!!
جاء التحرير , الاحتلال , التدخل الخارجي ,الدولي , اختر من هذه المسميات مايروق لك, جاء لينتزع الحكم البعثي وخيمته السوداء عن قلوبنا ونفوسنا وعراقنا , لكنه جاء بجرح جديد , جرح بطول العراق وعرضه ....بعمقه وحجمه , فما عسانا فعلنا ؟ ليحترق العراق من جديد فوق رؤوس ابنائنا واهلنا وتحت اقدامهم ... لتبكي الجروح دمائهم  ضريبة فادحة وقاسية لهذا التغيير المنتظر.
سقط حزب واحد وقائد معتوه واحد فانبتت الارض آلاف الاحزاب والتيارات والقادة  وبمحض الصدفة  سقطوا من السماء في ليلة التاسع من نيسان عام 2003 كملائكة غلاظ شداد!!.. وتساوت الرؤوس ايضا بالصدفة  فقد اصبح للجميع تاريخ يفتخر به ونضال سري قل نضيره ضد النظام السابق !! ومواقف حدثت هنا وهناك يشهد بها فلان وعلان ... حتى هاشم سلطان كان معارضاً شرساً في خنوعة وانصياعة! ولم نعد نعرف من كان يضغط على الزناد ليمزق صدور ابنائنا ؟ ومن كان يدعم ؟ ومن كان يثبت اركان النظام السابق؟ وكيف كان قوياً مع ان الكل كانوا ضده كما يدعون الان!؟
لقد كنا نحلم ان نرى معارضاً واحداً! اصبح لدينا الان والحمد لله الاف المعارضين الشجعان للحكومة!!  كانت الافواه لاتفتح الا عند طبيب الاسنان!! اصبح الساعدي والملا والاعرجي وفتاح الشيخ والبزوني والسليمان وعلاوي والنجيفي والمطلك بشقيه الصالح والحامد لايغلقون افواههم الاعند النوم , كان الحديث على سرير النوم همساً عن انخفاض الرواتب وارتفاع الاسعار وانقطاع الكهرباء وسوء الخدمات, اصبح لدينا عشرات الفضائيات يصرخ فيها "الوطنيون الاحرار"  كالغربان المصعوقة, اسقطوا الحكومة , احرقوا البلاد , دمروا حكومة التعددية  الطائفية, نريد حكومة وطنية , شريفة مهنية ,كبيرة وقوية,عظيمة عربية ,من غير محاصصة طائفية او قومية! شرط ان لايهمش فيها احد !!ولكن كيف ... لانعرف؟ وحتى ذلك الحين سنبقى ننزف قهراً ودماً يلوّن ثوب صحراء العراق , بلد الحضارات والقيم الانسانية العريقة!!
 
 
 
عباس العزاوي
 
24.9.2011
قصيدة الشاعر امجد السواد
 
http://www.alimizher.com/n/Entho/AmjadAssawad.htm *
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/25



كتابة تعليق لموضوع : أيِّ جُرحٍ تُرى قد مَسَّكَ الألمُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net