صفحة الكاتب : باقر جميل

قِصة شهيد  رَفضَ  الزواجَ من الجَنةِ !
باقر جميل

لو كنت شابا في ريعان شبابك وفي قمة قوتك ، ولديك كل متطلبات الزواج ، وتأتي اليك عروس كالجنة لا يوصف جمالها ، ولا يعد مالها ، ولا يبلى حسنها ، وتزيدك إيمانا  بما تؤمن ، فهل ترفض مثل هكذا عروض ؟
بالتأكيد لا  مجال للرفض إطلاقا !
لكن يا ترى من هذا الذي يمكن ان يرفض زوجة وعروسة كالجنة بسهوله ؟ بينما سعى لها الرجال جميعا ، ويسعون جاهدين وكادحين  الليل مع النهار في سبيل إرضائها ، أو ان يجعلون عينها ترمقهم بطرفة حنينة دافئة ..!
نعم أيها  السادة في  الـعــراق فقط تجد مثل هكذا رجال  خارقين القلوب والعقول ، تركض لهم الجنان وتشتاق لهم وهم لا يأبهون لها على الإطلاق ، لان غايتهم أسمى وأعلى من الجنان العاليات المزينات ،  غايتهم كبيرة وعظيمة ،هي : (ورضوان من الله أكبر) ، ولكن ليس كل  رجل يصل  الى هذه المرحلة وهذه الطاقة العالية والهمة الجبارة بسهولة ، بل ان الرجال يقضون جل أعمارهم في  تحقيق هذا الهدف  الأسمى والغاية الكبرى ،  ولكن ما رأيكم في شاب لم يبلغ من العمر واحد عشرون عاما ، يحقق كل  هذه الصفات ويقطع كل  هذا الطريق  الطويل بأقل من سنتين ؟!
نعم لا تستغربوا فقد كان عمره عشرون  عاما فقط  عند استشهاده ، فهو من مواليد (7/9/1997 للميلاد) ! .
 ووصل لما يطمح له الكبار من العلماء ، والكثير من الأولياء ، وصل الى درجة ، من الإيمان بأن الجنة هي وسيلة للوصول  الى رضوان الله الأكبر وليست هي  الهدف ، نعم ، إنه الشهيد الشاب :( ضـياء حـسـيـن علــي )،   الذي ولد وتربي  بين أنفاس سيد الشهداء  ، وارتوى من عليل ماء  العلقمي ، وتعود الصعود والشموخ من التل  الزينبي ، إنه من مدينة كربلاء  المقدسة  (100 كم  جنوب بغداد) .
لقد كان طالبا في المدرسة وبالتحديد في  الصف  السادس الاعدادي ، كان على عتبة مستقبله الذي كان يحلم به ، كان واقفا بكل فرح وهو ينتظر الخروج من هذه المرحلة والانتقال  لمرحلة الجامعة ، التي  ترسم حياته المستقبلية ، لكن  وفي إحدى الأيام سمع نداءا عجيبا وغريبا  ،  وبالتحديد في  يوم  الخامس عشر من شهر شعبان المعظم من  عام 1436 للهجرة النبوية المباركة ، سمع نداء الدين ، نداء  الإستغاثة  ، نداء فتوى الدفاع المقدسة ، التي نادى بها قائده  السيد السيستاني (دام ظله) ،  فهاجت أنفاسه شوقا لرضا الرحمن، وطار قلبه فرحا كطير سليمان ،  فشمر عن ساعديه والتحق بركب  المجاهدين الذين كانوا كالسيل  الجارف بوقتها ، عندما  لبوا نداء مرجعهم الأعلى ، وشارك في  المعارك كلها  التي تواجد فيها ، وكانت همته أكبر من عمره بكثير ، فيتعجب منه العدو والصديق ، فالعدو يتمنى قتله ، والصديق يغبطه لما لديه من إيمان كالجبال  الرواسي ، لا هزه عاصفة ولا ريح صرصر ! يخوض فيهم خوض الأبطال ، لا تأخذه فيهم رحمة ولا رقة ، ويكون أكثر حنانا على إخوته المجاهدين وعياله ويفتح ذراعه كما الطير تفتح جناحها لصغارها .
وفي ذات ليلة من ليالي القتال وهو جالس مع اربعة من أصحابه على  ساحة  صد العدو في قاطع تكريت ، كانت ليلة  حالكة ، البرد فيها شديد ، والأمطار تتساقط ، والضوء فيها خافت جدا ، وإذا بالهجوم يتعرض لهم من قبل داعش وعددهم بالعشرات ، فحصل الهجوم من دون سابق إنذار كما هي عادة أهل الغدر والمكر ،  فأستقبلهم ضياء  بشعور ممزوج بلذة  قتال هؤلاء مع خوفه أن يستشهد دون أن يأخذ مراده من قتالهم ،  أشتد القتال  وحمى الوطيس وانكشفت الغبرة  إلا وقد بقي مع ضياء  شخص واحد جريح  ، قيل له أهرب يا ضياء وانج بنفسك ، ودعني  أنا  فنجاتي  مستحيلة ، وخذ لنا بثأرنا  فيما  بعد ، رفض بشدة التخلي عن صديقه ، و تملك قلبه نوع من الحرقة والحزن ! كيف أذهب وانا اتيت من أجلهم ! من أجل  التخلص منهم وقتالهم ، لا لن اهرب  ، إما  ننتصر وأرجعك الى أهلك  أو استشهد  هنا بجنبك وسلاحي في صدورهم  .
ولكن الضباع  بطبعها تستغل الأسود الجريحة والوحيدة ، فداروا عليه من الجهات ، فصارت الجبهة  كتلة من النار ،  أحتوشوه من كل جانب ومكان  ، كلها  على ضياء الشاب  صاحب (20 عاما) ، وهو يزيح بهم عن صديقه الجريح بكل ما يستطيع ولم يدخل لقلبه ذرة خوف  ،  بينما هو كذلك وإذا  بأنفاس ضياء تستريح تدريجا ، وصوته يضعف رويدا رويدا ، وقوته تضعف  بأستمرار ، ضياء  مالذي حصل ؟ ماذا جرى لبركانك الثائر ؟ كان جوابه ضعيفا جدا ، إنها  النهاية التي  أحلم بها يا صديقي ! إني ارى الجنة أمامي والطير  صافات بعيني  ، إنها ساعت الرحيل أيها  الصديق ، وإخبر أهل  عني  السلام ، لا سيما زوجتي  التي  لم اتزوجها  بعد .
دخل  الجنة ضياء بكل فخر  واعتزاز ، وفتحت الجنة أبوابها له ، وكان لا همه الوحيد رضا الرحمن ، فعرضت عليه الجنة  بما  لا  عين رأت ولا إذن سمعت ولا  خطر  على قلب  بشر ، وكان الجواب منه بحياء ، ان زوجتي موجودة ولن اتزوج من غيرها ،  سأنتظرها هنا حتى يأذن الله .

أيها  الشهيد الصغير بعمرك ، الكبير بفضلك وجهادك، ما  نقول  فيها  إلا كما  قال  أمير  المؤمنين عندما  جاءه خبر استشهاد محمد بن أبي بكر ، حيث قال  عليه السلام وهو يعزيه : (أمّا إنّ حزننا عليه على قدر سرورهم به لا بل يزيد أضعافاً) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/19



كتابة تعليق لموضوع : قِصة شهيد  رَفضَ  الزواجَ من الجَنةِ !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net