الهزيمة بعد الإعجاب بالكثرة سنّة الهية ، وهذا ما تتحفنا به الاية المباركة { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ } التوبة ٢٥ ، حيث كان عدد المسلمين في معركة حنين* ولأول مرة اكثر من اثنا عشر الف مقاتلا ، وهو عدد كبير مقارنة مع الحروب السابقة التي خاضوها وانتصروا بها وهم بضع مئات ..!! ، كمعركة بدر مثلاً ..
هذا العدد الكبير من المقاتلين في معركة حنين ، ويرافقه ترسانة وذخيرة قتالية كبيرة ، جعل بعض المسلمين يعجبون بأنفسهم ، يطمأنون للنصر بفعل عددهم وعدتهم ، أنساهم بأن الله تعالى هو الآذن بالنصر ، تناسوا ان معادلة النصر لا تعتمد دائماً على الحسابات المادية .. ولهذا دخلوا المعركة بهذه العقلية وبهذه النفسية ، تجردوا عن تلك الروحية التي كانوا يتمتعون بها سابقاً وهم قليلون وأذلة من حيث العدد والعدة ..
فعلى اثر ذلك فرضت السنّة الالهية نفسها على اجواء المعركة ومجرياتها ، وخسر المسلمون الجولة بل ضاقت عليهم جهات الأرض وسبل الفرار من المعركة ، فلم يصمد مع الرسول ص وإله الا بعض الصحابة .. !!
ونجد القرآن الكريم في مكان آخر يعزز لنا الفكرة ، ويؤكد لنا ان النصر لا يعتمد على العدد والعدة ، هذا ما حصل مع داوود النبي في معركته مع جالوت : قال تعالى { .. فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ .. } البقرة ٢٤٩ وما بعدها .
هذا درس عظيم يجب ان نتعلّمه نحن المسلمون في الحياة ، فليكن اعتمادنا في مهماتنا وتخطيطاتنا على الله تعالى لا على قوتنا او اموالنا او عددنا او ذكائنا .. فما النصر الا من عند الله ..
_______
* حنين وادي بين مكة والطائف ، اتجه اليه جيش المسلمين لمحاربة هوازن ، وكان الكافرون في تلك المرحلة قد تجهزوا في الوادي للهجوم على المسلمين ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat