صفحة الكاتب : محمد الحمّار

أعتقوا المُدرس العربي..
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


بعد سنتين دراسيتين ناجحتين بفضل المعلم والأستاذ، اللذين لولاهما لعرفت تونس سقوط عشرات الحكومات وحدوث شلل اجتماعي عام لا قدر الله، أليس في جعبة وزارة الإشراف طريقة لمكافأتهما أرقى وأنجع من معاودة دعوتهما للحلقات التكوينية؟ وهل هذه الحلقات تكوينية حقا أم تكبيلية، لمّا يعلم القاصي والداني أنّ شعب تونس قام بثورة ضد الفساد عموما وأنه فساد لا يستثني الفساد التعليمي والتربوي بل يبوئه صدارة الأولويات على سلم التغيير والتبديل، وأن لا مؤشر إلى الآن على أي نهج إصلاحي واضح؟
بمنطق العلم وبمنطق الثورة لا أخال أنه يجوز تكوين المدرسين قبل شهر ونيف من نهاية السنة الدراسية. فضلا عن ذلك، لقد حان الوقت لكي يكون المدرس هو المكوِّن. إذ لا المرشد (المُوجه) ولا المتفقد (المفتش) بقادر على التكوين في هذا الظرف الانتقالي. فالمدرس هو القاعدة والأساس والمرجع والمرجعية، وما إطار الإشراف البيداغوجي إلا سليل جنس المدرسين والمربين. لذا إن كانت هنالك أزمة في هذا القطاع المحوري فكل الأطراف مسؤولة عنها ولا طائل من وراء تحميل المدرس وحده عبء فشل المنظومة التربوية. وهذا للأسف الشديد ما نستشفه من هذه النزعة التسلطية المُغلفة بالدعوة للتكوين.
إنّ المدرس يربي ولو لم يدَرس (كما ذكرنا بذلك زميل مؤخرا). لذا فمدرس الثورة بحاجة إلى مَرصِدٍ لأفكاره ومنهجياته لا إلى مُرشد يتسلق درجات التألق على ظهره أو إلى متفقد هو بنفسه بحاجة إلى التدرب على ملكة الإصغاء إلى المدرس. بالتالي هذا الأخير بحاجة إلى التوَقد لا إلى التفقد والتفتيش. لقد عُقدت "الندوة الوطنية حول إصلاح المنظومة التربوية" (أيام 29 و30 و31 مارس المنصرم)، لكن السؤال: هل إثقال كاهل المدرس بدعوات التكوين والرسكلة نابع عن توصيات هذه الندوة؟ وإلا فأين هي متابعة الندوة وأين منظومتنا التربوية من تثوير العقل الشبابي وتنويره وزرع الرغبة في توليد الواقع الجديد لديه، ومده بالوسائل اللازمة لتحقيق ما يمليه العصر من تغيير ومن تبديل؟
 إن تونس لم تقم بثورة ليرى شعبها ومدرسوها وتلاميذها وطلبتها عودة للتجهيل باسم التعليم ولا للتضليل باسم التربية. لقد قمنا بثورة لنوجه أبصارنا إلى قبلة غير مألوفة، تتجاوز حدود بلادنا ولا تنتهي أبدا حتى لو طالت ما يسمى بالعالم المتقدم. فتونس والعرب أمام فرصة تاريخية للإسهام في تعديل السلوك الكوني الذي يتسم بمظاهر الرفاهة والتمتع بالحقوق الإنسانية إلا أنه في باطنه يتصف بالأزمات المالية والاقتصادية والأخلاقية التي تتراوح من تداين البلدان الضعيفة  مثل تونس وجل الوطن العربي (الأطراف الرأسمالية المُعولمة) لدى البلدان الدائنة (بلدان المركز الرأسمالي الامبريالي العالمي) مرورا بالحروب الاستقوائية التي يشنها الناتو على من يتلمسون طريقهم إلى الاستقلالية والعزة والكرامة وانتهاءً إلى البطالة (المُمنهجة)  والتضخم المالي وغلو المعيشة.
سيداتي سادتي المشرفين على قطاع التعليم، دعونا وثورتنا أو ابسطوا أياديكم إلينا، لكن لا تقصفونا بوابل تلو الآخر من قرارات فوقية ومن تقاليد بالية صارت مدعاة للضحك. والله لا يضيع أجر المتعلمين والمعلمين الثائرين.
محمد الحمّار

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/26



كتابة تعليق لموضوع : أعتقوا المُدرس العربي..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net