صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية في خطبة الجمعة (23/ حزيران/ 2006م)
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يهبنا النص الوعظي وخاصة في خطب الجمعة نفسه للمتلقي في توافق روحي يحتوي أفكاره ومشاعره، وفي خطبة سماحة السيد أحمد الصافي في (23/ حزيران/ 2006م) في الصحن الحسيني الشريف، يقدم ما يرتقي بأفكار المتلقي، وما يوافق تصوره العقيدي للحياة، ويوازي ثقافته، فيعمل على أن يرشد متلقيه ويحثه على التفاعل مع الدعاء الذي يحمل حقيقة الأئمة (عليهم السلام)، فهم لم يتركوا حسب تعبيره شيئًا يتعلق بالنفس الانسانية في موارد الاثم وموارد طلب المغفرة من الله تعالى إلا وقدموها؛ لأنهم أطباء الأرواح، ويعرفون مواطن الضعف البشري ومواطن القوة، أي بمعنى وجود قدرة نفسية على تحرير الأمور لا نجدها ولن نجدها عند غير الأئمة (عليهم السلام).

 وكانت خصوص الادعية تهتم بالإنسان ليعبر عن نفسه أمام الله بتعابير صادقة عن مكنونات نفسه، قد يخونه التعبير إذا أراد أن يبيّن لله المقصد، ونصّ الخطبة بمجمله يوظف أدعية الإمام السجاد (عليه السلام)، وترتكز على بيان طاقات الفكر والأسس النفسية المؤمنة التي كان يحثنا عليها مضمون كل دعاء، ودعاء الإمام السجاد (عليه السلام) له خصوصية دقة التفاعل الاتصالي بالله سبحانه تعالى.
 سعى سماحة السيد احمد الصافي الى إظهار الطاقة الايحائية القادرة على اعتماد الاحاسيس مقابل معطيات الواقع، مثلًا يقرأ لنا قوله (عليه السلام): «يا الهي لك الحمد فكم من عائبة سترتها فلم تفضحني، وكم من ذنب غطيته». نجد ان استحقاق الحمد كما تعبر عنه الخطبة لسبب الاستحقاق الكمال المطلق محض الخير، الدعاء بذاته هو محمول ثقافي ديني يمتلك القدرة على التفاعل بين النص والواقع النفسي.
 نتأمل في مفردة (عائبة) والعيب بتنوعاته الخلقية والأخلاقية، وهي ما تستوجب النفرة حسب تعبير النص الوعظي، هنا تظهر دلالة الستر، على عيب، وهذا يرتبط بدلالة الأسماء والصفات الالهية، فهو ستار العيوب، وبمعنى أن الموقف يستحق الفضيحة أولًا ستر الله تعالى، وهنا تشخيص مهم في النص الوعظي اذ يركز على ان هناك تأدبًا انفعاليًّا في مرحلة عاطفية، مجتمع يشهر بالعيب يعني يخالف اخلاق الله تبارك وتعالى، السعي لتأصيل قدرة التأدب بأخلاق الله تبارك وتعالى.
 السعي لتأصيل قدرة التأدب بأخلاق الله والتعلم من القرآن الكريم من الأئمة الأخيار (عليهم السلام)، هناك رصد يتجلى في النص الوعظي عبر تشخيص حياتي مهم هو (الفراغ) سواء الناتج عن البطالة والعطالة والناتج عن فراغ فكري.
 بعض الأدعية عايشت هذه الفكرة حين طلبت من الله سلامة الفراغ/ فراغ سلامة، سلامة دين؛ لكي تكون بمقدور العائبة إبعاد الانسان عن الله سبحانه تعالى، القضية فكرية لابد أن نتأمل في المضامين أن نقف عندها، الستر يكشف عن حالة المحبة، حالة من المودة العمل أن تكون تلك المودة وذلك التودد، ليس تودد حاجة، يحث بدقة في مسألة الستر الالهي وحاجة الانسان ان يتربى عليه، نستر على بعضنا لا نفضح أسرار الاخرين، البحث عن ماهية الحكمة التي نشأ من أجلها الدعاء: ليس منا من لم يحاسب في اليوم والليلة، كل منا مملوء عيوب.
 النص الوعظي يبحث في دلالة الحكمة في كل دعاء؛ لأن هناك عيوبًا بين العبد وبين الله، يعني وجود خلل انساني هناك قول للنبي (ص) لأبي ذر الغفاري تتمحور في قضية التقى، المتقي هو الذي يبعد عن الذنوب، الذنوب في حومة السجان استهتار في الارتباط التوحيدي.
 النص الوعظي يبحث مثلما قلنا عن الدلالات يبحث في منهجية النتائج، حالة الستر تؤدي الى نتيجة يركز عليها سماحة السيد الصافي ان تشرئب اعناقنا الى لطف الله تعالى، استمرارية الدعاء، استمرارية الحاجة، الشعور بالذنب الانقياد الى الله تعالى، الابتعاد عن التمرد الوجداني، يضيف لنا النص بعد الدلالات التي تحتاج الى تعاريف مهمة يريدها ان تترسخ في ذهنية المتلقي (الآبق) العبد الآبق، يعني العبد المتمرد على مولاه المنهزم، آبق تعني شارد من مولاه، والتوبة هي التي تحتاج الى توفيق وترسيخ هذا المفهوم، التوفيق الى التوبة، أو التوبة هي التي تحتاج الى توفيق، وما دام الله منحنا فسحة العمر يعني لدينا فسحة براءة الذمم واللجوء الى الله تعالى، الى فسحة العقل الى ضريح الحسين (عليه السلام) سيد الشهداء، الزيارة تعني تجديد العهد والرجوع الى الله سبحانه تعالى وتعني سلامة الدين والدنيا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/02



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية في خطبة الجمعة (23/ حزيران/ 2006م)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net