(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 42
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحكمة في دراسة الصحيفة السجادية المباركة كونها تحمل النظرة الكلية للإيمان من خلال بناء العلاقة السليمة لإصلاح الذات - المجتمع، والذي يرتكز على تحصين تلك الذات من الإغواء، عبر الكثير من المكونات الأساسية في التفكير والإيمان بالله سبحانه وتعالى، هو المولد الفاعل لفكرة المواجهة مع مرتكزات السلب بأي هيئة كانت، التحصين الذي ينبثق من معرفة حقيقة الوجود والتي تصل بنا للعديد من الحقائق منها
أولا ـــــــــ عدم السماح بعقد اتفاق هدنة أو صداقة، مع الشيطان لاختلاف سبيل المنهجية لكل التزام.
ثانيا ـــــــــ إدراك سعة المنهج الشيطاني بما يمتلك من مناح متنوعة ومتعددة مع إمكانية اقتحام حياتنا.
ثالثا ـــــــــ من النتائج الخطيرة التي يسببها الشيطان باختراقه ذواتنا، وهو المسلح بالخبرات الشريرة القادرة على إعاقة كفاءة الإنسان للمجاهدة وإرباك عقلية الإنسان.
رابعا ـــــــــ وجود فعل التحصين يمنح الإنسان قيم الانتماء الحقيقي للوجود الإلهي المبارك، يعينه على الاستعانة بالله سبحانه تعالى وإدامة اليقظة والحيطة والحذر، وتهيئة الروح لمراجعة النفس بين الحين والآخر ليتأكد من متانة العازل بينه وبين قوى الشر، خشية حدوث أي شرخ ليلجأ إلى الصيانة.
خامسا ـــــــــ السؤال الاستفهامي هو وسيلة من وسائل المعرفة وصولا إلى
اليقين، من اليقين إبعاد التيه عن الإنسان، الضياع يأتي من عدة طرق ومنها الجهل والوهم والصلف والغرور، الأسئلة تعزز قوة البناء النفسي، وتقوي المعنى الكامن بإنسانية الإنسان.
هل استطاع الشيطان أن ينفذ من خلال نقاط ضعفي أم لا؟
هل حاولنا أن نقوي نقاط الضعف وندعم نقاط القوة بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى، هل ندرك أن التربية الصالحة معين عذب، وقوة تزود الإنسان بالعلم والمعرفة والإيمان، هل تمسكنا بالدعاء؟ والدعاء أهم حائط من حيطان الصد.
سادسا ـــــــــ موازيين الإجابة، يتميز الفكر الإيجابي بتزكية السؤال، الدعاء في تنزيه أهل الدعاء من الشوائب الدنيئة كشرط من شروط الاستجابة عند الله سبحانه تعالى، حقيقة الدعاء أن يكون من ابن حلال، خبزه حلال، ماله لا يرتبط بمصدر حرام، ومن أجل ترسيخ أخلاق الدعاء علينا كما وضح سماحة السيد أحمد الصافي الانتباه على الأمور المهمة.
1ـ التهيئة.............. من الأمور الفكرية الداعية إلى توقير مشروع الدعاء العامر بين العبد وربه، أي أن يهيئ الإنسان للقاء بالله تعالى، الدعاء خطاب الله، وعندما يكون الخطاب مع رب العزة يحتاج الإنسان أن يكون مهيئا حتى يسمع الرب الدعاء.
قراءة الجملة في أدعية المصابيح تحتاج إلى استيعاب المعنى مثلا... عندما نقرأ في بعض الأدعية (اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع) هذا يدل على وجود أدعية غير مجابة يهملها الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يسهو عن دعاء، وهذا يعني أن الإهمال الإلهي لبعض الأدعية إهمال قصدي، لا بد أن يكون الإنسان في الدعاء عند خطابه مع الله بكامل إنسانيته ووجدانه وفكره وروحه، وألا ينشغل بأمور الحياة وينسى مشروع الخطاب
الله لا يتقبل دعاء السنة عبثت بمصائر الناس، ثم نتجه إلى الله دون قلب وفكر، وما هي إلا قلقلة لسان والذهن منشغل بأمور لا تنتمي لمشروع الدعاء، كلمات مجرد كلمات تقال، والدعاء في حقيقة الأمر قضية وجدانية مع الله لا بد أن تكون في قمة الصفاء.
سابعاـــــــــ يشتغل سماحة السيد أحمد الصافي على العمق المعنوي للمفردة، لا يجعلنا نمر من عندها دون أن نعرف المعرفة اليقينية، ما يدور في ذهن هذه المفردة (واسمع لنا ما دعونا به) فما معنى اسمع فعل أمر بصيغة الدعاء، هل يعني أن الله لا يسمع البعض من الدعاء، نركز أولا على معنى اسمع التي تعني (استجب) الذي دعونا به، هذا توجيه آخر لمقصد الاستجابة أن لا يحتجب الدعاء، ارتقاء معرفي يدلنا معنى، إن الله تعالى لا يحتجب عن عباده فيكون المعنى الأرشد هو أننا نحن من يحتجب عن الله سبحانه، لكن لا تحجب الدعوة بل هي تحتاج إلى النوايا الخالصة لله، وبقلب مقبل لا يرتضي أن يشارك الشيطان خطابه ويدخل بينه وبين الله سبحانه تعالى، بعزته وجلاله، وعدم الغفلة وانشغال الفكر بأمور تربك مسار الدعاء، والفطنة تعرف تنقية المسار بقدسية الخشوع لله سبحانه
والإمام عليه السلام يعرف حقيقة المعرفة التأملية، الله سبحانه وتعالى يدعو إلى سعة الرحمة لتجاوز الغفلة عند الإنسان، وهذه حقيقة الإسلام، حكمة الدين، وجزء من عقيدة الانتماء
سماحة السيد أحمد الصافي يدلنا على عمق الاستدلال الفكري لسعة رحمته، الإمام سلام الله عليه يؤدبنا بآداب المثول بين يدي الله، يشذب لنا بعض السلوك النفسي كجوهر إدراكي بمعنى
(أ) الاطمئنان النفسي - إن الله سبحانه سريع الإجابة حتى وأن غفلنا أو نسينا الإجابة الإلهية موجود، وبمعنى توقير نعمة الدعاء ليكون بمنزلة العبادة
(ب) وجود الدرجات للمصلحين، ومراتب للمؤمنين،
والتفاوت الذي يحدث في آليات السؤال، يجعلنا أمام تفاوت في الذهن، وفي استعمال العقل، والعبادة، وينتج تفاوت في المقامات الرجل الصالح، حقيقة الصلاح.
ثامناــــ الارتقاء بالإيمان، الأسس المنطقية للارتقاء يساهم في بلورة مميزات أصل الدعاء، لو تكشف عن بعض البؤر الفكرية.
الارتقاء الأول.............. أن يكون الرجاء بالله تعالى غير محدود، هذه أولى مراحل الإيمان، وما تعززه التربية عند الإنسان من وعي، وأن يعمل الإنسان ويرجو من الله سبحانه، لا يمكن للمؤمن أن يحدد رجاء الله تعالى، الإيمان اعتقاد بعظمة الله تعالى وسعة رحمته (وسعت كل شيء)
الارتقاء الثاني.............. لفظة الإيمان أو المؤمن تشعر الإنسان بالطمأنينة، المعنى الجميل يسري في اللفظ يزيده إيمانا، والمؤمن هو الذي يصدق قوله عمله
الارتقاء الثالث.............. يلخص سماحة السيد أحمد الصافي هذا المرتقى بوجوب تهذيب النفس أولا، الإنسان عندما يأمر الناس بالبر لا بد أن يكون قد أمر نفسه بالبر أولا
الارتقاء الرابع.............. في أحدى مناجاة النبي موسى عليه السلام لربه سبحانه قال: ـ حاجتي أن تكف السن الناس عني، قال سبحانه وتعالى تلك خصلة لم أتخذها لنفسي، ولأن الله سبحانه وتعالى لم يسلم من الناس، على المؤمن أن يصبر ويتحمل ولا يخرج عن إيمانه
الارتقاء الخامس............... الحسين "عليه السلام" يدعو عبيد الله بن الحر الجعفي أن يكون رفيقه في الجنة، ليكون من الأصحاب الذين يقول عنهم سيد الشهداء (إني لم أر أصحابا كأصحابي) لكنه لعدم رعاية لدينية والحفاظ عليه خسر، فر ولم يستجب له، علينا نحن الانتباه والحرص على أنفسنا كي لا يأخذ الشيطان أكثر مما أخذ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat