صفحة الكاتب : نديم عادل

تأملات في فتوى جهاد النكاح
نديم عادل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في الايام القليلة الماضية تناولت وسائل الاعلام المختلفة من فضائيات وصحف ومواقع انترنيت اخبار مفادها ان عائلات تونسية أبلغت عن اختفاء بناتها المراهقات ، وهناك ادلة واضحة تشير لسفرهن إلى سوريا من أجل ما يسمى ب “جهاد النكاح “ أي التطوع بأجسادهن لإشباع الحاجات الجنسية للرجال الذين ( يجاهدون في سبيل الله ) في قتالهم  للقوات النظامية السورية .
كما ذكرت تلك الانباء بان ما لا يقل عن 13 فتاة تونسية وصلن حتى الآن الى سوريا استجابةً لفتوى اطلقها بعض علماء الدين في المملكة العربية السعودية فحواها :( يجوز للمقاتلين ضد النظام السوري إبرام عقود نكاح شرعية مع بنات أو مطلقات لفترة قصيرة لا تتجاوز الساعة أحيانا يتم بعدها الطلاق ليتسنى لمقاتل اخر اخذ دوره في عقد نكاح جديد مع نفس الفتاة ومن ثم تطليقها بعد ساعة لإفساح المجال لثالث ورابع وخامس .. وهكذا دواليك .. 
بمعنى ان يكون لهذه الفتاة المراهقة عشرات الازواج في بضعة ايام فقط ..!
ليس هذا فحسب ، بل وصلت الامور الى درجة ، كما اكدت الاخبار ، بأحد هؤلاء المجاهدين لتطليق زوجته رغبةً منه في منحها فرصه جهاد النكاح ( تقرباً لله وطمعاً بجنات تجري من تحتها الانهار) له ولها ، وأخر اصطحب اخته معه لنفس الغرض ( المقدس) علاه ..!؟ 
هؤلاء الفتيات المسلمات ، المحصنات التقيات الورعات ، ينطلقن بفضل شبكات اسلامية منتقاة و بأموال اسلامية  مزكاة من تونس الخضراء التي يحكمها، بعد ان هبت عليها رياح الربيع العربي، نظام اسلامي .. ينطلقن في كامل حجابهن الاسلامي المحتشم الى الموانئ الاسلامية في ليبيا ثالث دول الربيع الاسلامي و من ثم بحراً نحو تركيا اوردغان الاسلامية ، وبعد استراحة قصيرة في فنادق خمس نجوم اسلامية بما فيها من حمّامات بخار اسلامي وأدوات مساج اسلامي ومساحيق ومواد تجميل و عطور اسلامية ، جيء بها خصيصا من باريس التي لاتزال لسوء الحظ او لحسنه ، غير اسلامية حيث لا يزال يُقيم هناك عرّاب الربيع العربي الاسلامي ، امير المؤمنين وفقيه المتقين الفيلسوف برنار هنري ليفي وغرف عملياته السوداء التي يجلس فيها وبكل حميمية استاذ السوربون العلماني الملحد جنباً الى جنب مع المعمم الملتحي السلفي المسلم ..
وبعد ان يتم التأكد بان اجسادهن الغضة الطرية اصبحت جاهزة لحفلة النكاح الجماعي الاسلامي  يتم شحنهن جواً بطائرات غير اسلامية من اسطنبول الاسلامية او انقرة الاسلامية الى اقرب نقطة من حدود دولة الكفر و الالحاد سوريا اللا إسلامية ، وسط زغاريد رصاص اسلامي مستورد من حلف الناتو النصف اسلامي   ..
وبدلاً من نحر بعض الخراف عند استقبال العروس في بيت العريس كما تقتضيه تقاليدنا العربية الاسلامية .. يتم قطع رؤوس بعض الذين تم خطفهم من الكفرة السوريين ، فمنظر الدماء في مثل هذه المناسبة الجليلة لابد منه لتفجير فحولة المجاهدين الاشاوس كي لا تصاب مجاهداتنا بالإحباط في ليلة الدخلة ..
لا يستطيع ولا يحق لاحد منا نحن الكفرة الملحدين ان يحرم هؤلاء المجاهدين فرحتهم العظمى هذه . لكن من باب الفضول فقط يحق لنا ان نتساءل عن مصير هؤلاء الفتيات اليافعات بعد انقضاء حفلة المجون المضمخة بالدم والبارود واشلاء الضحايا ، كيف سيكون مستقبلهن فيما بعد ..؟ هل سيستطعن العودة الى حياتهن الطبيعة كبقية نساء الارض ..؟
ام ان مصيرهن سيكون بضاعة سريعة التلف في مواخوير الليل مظلمة ..؟
هنا وامام هذا التساؤل تذهب بي الذاكرة الى زمن اخر ومكان اخر بعيداً عن زمان المسلمين وبعيداً عن مكانهم ..
بعيداً عن الحرمين الشريفين .. و بعيداً عن الازهر والزيتونة ..
تذهب بي الذاكرة الى الهند ، بلاد الكفرة الملحدين ، بلاد الهندوس والسيخ والبوذيين حيث المهاتما غاندي واحدى مآثره الكبرى في مكافحة ظاهرة الدعارة والبغاء المتفشية في مجتمعه الملحد ، تلك الظاهرة التي كان احد اسبابها بعض الديانات الهندية القديمة حيث تتبرع العوائل ببناتها الصبايا لخدمة المعابد لينهش اجسادهن سدنتها .. وبعد سن الثلاثين يصبحن فائضات عن الحاجة ويتم رميهن الى الشارع كي يعتشن على بيع اجسادهن المتخشبة ..!
نعم ، لقد نجح غاندي في جهاده المرير هذا بعد ان نجح في اعادة تأهيل آلاف النساء في بلده واعادة الكرامة لهن من خلال تسخير طاقاتهن في حملته الشهيرة لإحياء صناعات النسيج المحلية كإحدى وسائله في مكافحة المستعمر البريطاني 
كما تذهب بي الذاكرة الى بلدٍ كافرٍ اخر، كوبا الملحدة ، وقائدها الكافر كاسترو الذي لايزال يتبجح بانه نجح في إعادة تأهيل آلاف الفتيات الكوبيات فاصبحن طبيبات ومهندسات و معلمات بعد ان كن مجرد بائعات هوى ..
ثم تذهب بي الذاكرة الى الملحدين الشيوعيين في اوروبا الذين نجحت احزابهم في اجبار حكوماتهم على سن قوانين تحرّم الدعارة وتعاقب عليها بالسجن المشدد ..  
ثم اعود لأتأمل فتوى جهاد النكاح التي اطلّت علينا برأسهما من ارض الجزيرة العربية الاسلامية وسُخرت لها الاموال وجُند لها الرجال ومدى تاثيرها على مستقبل مجتمعاتنا ، هذا اذا اعتقدنا بانه لايزال هناك مستقبل لهذه المجتمعات في ظل هذه الفتاوى التي تشرعن البغاء فقط وفقط من اجل الترويح عن القتلة والسفاحين كي يستطعو مواصلة سفك الدماء 
ثم يراودني سؤال كبير يتعلق بعدالة السماء ، وهو : 
هل من العدالة ان يُحشر المهاتما غاندي جنباً الى جنب مع فيدل كسترو وشيوعيي اوروبا في الدرك الاسفل من نار جهنم رغم مكافحتهم البغاء في حين يتكئ شيوخنا الاجلاء على أرائكهم في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار .. رغم فتاواهم الصريحة في اباحة القتل وشرعنة الدعارة من اجل المزيد من القتل ..!؟
2 نيسان 2013

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نديم عادل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/03



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في فتوى جهاد النكاح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net