صفحة الكاتب : علي حسين الدهلكي

بطاقة تموينية أم بطاقة إنتخابية
علي حسين الدهلكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ ان اعلن مجلس الوزراء قراره الغاء البطاقة التموينية  وتعويضها بمبلغ نقدي  حتى هب المتصيدون في الماء العكر من سياسيي الازمات واصحاب الفضائيات الصفراء لتشويه الحقائق والاخذ بالموضوع نحو جهة تحويله من موضوع انساني الى موضوع سياسي لتصفية حسابات مدفونة سابقاً .

فالموضوع برمته لا يستحق هذا التطبيل والتهريج السياسي الاعلامي كونه موضوع تم اتخاذ القرار فيه بعد مطالبات عديدة من قبل عدد كبير من النواب بالإضافة الى كونه مطلب لشريحة كبيرة من المواطنين الذين وجدوا في مغردات الحصة التموينية ضحكاً على الذقون .

ولو اجرينا استبيان لعدد المواطنين الذين لا يذهبون شهريا لاستلام الحصة التموينية  لوجدناهم مئات الالاف  وعندما تسالهم عن السبب ؟ يأتيك الجواب ان مفردات البطاقة لا تساوي عناء الذهاب لجلبها واضاعة الوقت عليها .

 ولذلك يعمد الكثيرون الذهاب الى وكيل الغذائية مرتين او ثلاث او اربع مرات  بالسنة في احسن الاحوال لاستلام مفردات البطاقة التموينية والتي غالبا ما تكون مفرداتها هزيلة وغير ذي جدوى .

ولو تمعنا السبب في هذا الامر (اي عدم منفعة مفردات التموينية ) سنجد ان هنالك عدة اسباب تقف خلف هذه المهزلة ولكنها تجتمع جميعها تحت مسمى واحد يدعى (الفساد ) .

وبالعودة الى اسباب الفساد في مفردات التموينية لابد ان نعترف بان الحكومة تخصص اموالا كبيرة من الموازنة للبطاقة التموينية ولكن ما يحصل هو ان يهرع بعض الساسة الفاسدين للتوسل والتهديد والتلميح بالاستجواب او التشهير للمسؤولين عن عقود وزارة التجارة في حال الامتناع عن اعطائهم بعض عقود تجهيز مفردات البطاقة .

وهؤلاء لا يستخدمون مناصبهم للتهديد والوعيد مع وزارة التجارة فقط بل انهم يستخدمونه اين ما تقتضي مصالحهم ذلك ، فكثيرا ما اشتكى بعض المسؤولين من تدخل وتطفل بعض السياسيين والبرلمانيين تحت يافطة الفساد والاستجواب لابتزاز هذا المسؤول او ذاك .

 وهكذا تأتي المفردات بشكل لا يطابق اي مواصفات رغم نكران مسؤولي التجارة ذلك  ، ولكن الحقائق هي من تدحض كلام مسؤولي التجارة لان المواطن لا يستلم الرز الجيد او الطحين الجيد او الصابون الجيد وووو .. الخ .

وفي بعض الحالات  النادرة يتم تجهيز بعض المواد الجيدة ولكن الذي يحصل هو ان يقوم الوكيل وبالتواطؤ مع بعض التجار المرتبطين عبر سلسلة وسطاء بالسياسيين والنواب بتبديل الحصة الجيدة بالرديئة مقابل فروقات تذهب الى جيوب هؤلاء السياسيين والتجار والوسطاء ، والدليل على ذلك تفاوت جودة المواد ونوعيتها وعلاماتها من وكيل الى اخر .

وبهكذا وضع سيئ يضاف الى سوء المفردة التموينية كان لابد للحكومة من اتخاذ قرار او اجراء لوقف هذه المهزلة . فكانت اراء اغلب السياسيين والنواب تتجه صوب الغاء البطاقة وتعويضها بمبلغ نقدي  وهذا ما اثبتته بعض الوثائق التي نشرت في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية .

وهذا ما حصل في اجتماع مجلس الوزراء حيث ايد جميع الوزراء الغاء البطاقة التموينية وهكذا صدر القرار ، ولكن العجب العجاب هو ان ينقلب اكثر المؤيدين لإلغاء البطاقة الى منتقدين لهذا القرار ، بل ان منهم من قدم اعتذارا للشعب لأنه وافق على القرار ولا نعلم هل كان تحت تهديد السلاح حين صوت عليه ام انه اراد الانقلاب على ذاته ارضاءاً لكتلته .

وقد شاهدنا كيف يتباكى المصوتون على القرار وكتلهم والكل يبرأ ساحته وكان رئيس الوزراء هو من قرر القرار ، ثم لماذا لا نتذكر ان مجلس الوزراء ( يعني ممثلي جميع الكتل ) هو من صوت على القرار وليس المالكي ، فلماذا يهرب الجميع الى الامام ويتركون المالكي يتحمل مواقفهم وموافقتهم ؟ .

ان عملية الاعتراض على قرار الغاء التموينية لا يمكن ان ندخله من باب حب المواطن  والاهتمام بشؤونه ما دام قد صدر الاعتراض من قبل المصوتين عليه بل انه يدخل من باب التسقيط السياسي والمستهدف الاول هنا هو المالكي .

بالإضافة الى كونها محاولة لتغيير اهتمام الرأي العام من قضية البنك المركزي والذي اثبتت الحقائق تورط سياسيين وبرلمانيين من الرؤوس الكبيرة في عمليات فساد وسرقة وتهريب للأموال العراقية الى الخارج ومحاولة تدمير الاقتصاد العراقي بسبب الجشع والارتباط بالأجندات الخارجية .

ثم ليس من المعقول ان لا يُعلم الوزراء رؤوساء كتلهم بجدول اجتماع مجلس الوزراء ليأخذوا الاوامر والنصيحة منهم بخصوص هذا الجدول ، وهو ما يعني ان رؤوساء الكتل اطلعوا على قرار الغاء البطاقة التموينية وطلبوا من وزرائهم الموافقة على الالغاء ليستخدموا هذا الالغاء فيما بعد كقنبلة او لغم يحاولون من خلاله اثارة الشارع ضد الحكومة والمالكي تحديداً  ومحاولة طمس فضائحهم في عملية البنك المركزي.

 وبما ان الانتخابات المحلية على الابواب فمن المعقول ان يستخدم البعض كل الوسائل والاساليب اللامشروعة لأسقاط  الخصوم  ، خاصة اذا كان الخصم من العيار الثقيل وبحجم المالكي ودولة القانون.

والشيء المضحك ان من تهجم على قرار الالغاء هم اكثر الناس فسادا ويعرف  فسادهم المواطن البسيط حق المعرفة ، ولكن النيات والاهداف باتت مفضوحة ومعروفة للجميع لان هؤلاء لم ولن يقدموا للمواطن غير الضجيج واثارة الازمات والوقوف ضد اي منجز وطني ان لم نقل انهم مرتزقة لدول الجوار وما جاورها .

نحن هنا لا نريد ان نقول اننا مع الغاء او بقاء البطاقة التكوينية التي لا نستفيد منها الا في المعاملات الرسمية كوثيقة بل ان الامر يختلف في  اهميتها من عائلة لأخرى وهنا يجب احترام تلك الاهمية في كل الاحوال .

ومع كل هذا الضجيج الاعلامي والسياسي ستبقى مسالة الغاء او بقاء البطاقة التموينية قرارا شعبيا لا يمكن لأي كان ان يفرضه بمعزل عن الجماهير وهو ما دعا الحكومة لاستبيان موقف الجماهير لتتخذ القرار الذي يتلاءم مع مصالح تلك الجماهير وليس مع مصالح السياسيين والمنافقين والمنتفعين بالسحت الحرام .

اما تحشيد الشارع وتضليل البسطاء بأهداف وغايات مفضوحة ومسيسة لقرار الالغاء فهذا نوع من الخداع لغرض التحشيد الانتخابي ، وعار كل العار ان يتخذ البعض من رغيف البسطاء مسلكا غير شرعيا لتحقيق اهداف انتخابية  لأنها ستسقطهم عاجلاً ام اجلاً .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الدهلكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/14



كتابة تعليق لموضوع : بطاقة تموينية أم بطاقة إنتخابية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net