الكتابة من الفنون الكلامية التي نستعمل فيها الحروف للتعبير عما نريد قوله ، في مجالات الحياة المتعددة التي نجد أنفسنا مدفوعين الى التعبير عنها بقوة ، والكتابة من الفنون التي عرفها الناس منذ قديم الزمان ، في منطقتنا الشرق أوسطية ، كما في المناطق الأخرى ، وتختلف الكتابة حسب أنواعها منها الفنية ونسميه الأدب بفرعيه الشعر والنثر والكتابة العلمية التي يهمها إيصال معلومة من المعلومات الى القارئ ،، بشكل مبسط سهل الفهم خال من التعقيد ، ولقد كثر الحديث حول الكتابة ووظائفها ، وطرقها ، والكتابة الأدبية التي سأتطرق إليها في موضوعي هذا يجب ان تتضمن جمال العبارة ، والقدرة على انتقاء اللفظة الموحية القادرة على التأثير، في عقل المتلقي وفي عاطفته ، كما تتطلب الكتابة الأدبية : دراية تامة في استعمالات اللغة ،، التي يكتب بها الموضوع ، ومدلول الكلمة ، ومناسبته للعصر اذ ان كثيرا من الكلمات يتطور مفهومها ويتغير ، ولا تبقى على معانيها القديمة ، والكاتب يجب ان يعنى بهذه الأمور ،، كي يستطيع ان يوصل ما يريد توصيله ،،الى القاريء ، ولكن لو سألنا سؤالا محددا عن السبب الذي يدعو كاتبا معينا الى السهر الطويل ، ومواصلة الدراسة ، وقراءة الكتب المتنوعة ، لمشاهير الكتاب والأدباء ، والتضحية بأمور كثيرة، قد تكون ضرورية من اجل صقل المهارات وتنميتها ،، كي يكتب لنا بالشكل الجميل المؤثر الذي يحرص دائما ان تصلنا كتابته به ، فلماذا يكتب الإنسان ؟ وهل ان أسباب الكتابة واحدة عند جميع الكتاب؟، رغم اختلاف الزمان والمكان، واختلاف مستوى التفكير بين أمريء وآخر ، وتنوع الميول والاتجاهات ، واختلاف العواطف ومدى حدتها او هدوئها في شخص معين ، وكلنا نعلم ان الناس يتباينون في الأفكار ويتناقضون في الاهتمامات والعواطف ،، والأمور التي يعتبرها البعض أساسية، يراها الآخرون من الكماليات ، فإذا طرحنا سؤالا معينا ، على مجموعة من الناس، تختلف فيما بينها في الاهتمامات والأفكار والعواطف، وردود الأفعال حول مسالة معينة من المسائل ، فلابد ان يكون الجواب مختلفا ، نتيجة لاختلاف الأشخاص الموجه إليهم السؤال ،، فلا ننتظر مثلا ان يتشابه الناس جميعا ،في النظر الى مسألة من المسائل في وقت نجد به اختلافات كبيرة بين الأشخاص في كل أمر من أمور الحياة ، لو طرحنا السؤال على مجموعة من الكتاب حتى لو كانت من بيئة واحدة، ومن ثقافة واحدة تتشابه فيما بينها بالاهتمامات والهوايات والفكر السياسي والاجتماعي وتفضيل أشياء معينة على أشياء أخرى ، لكان الجواب مختلفا تمام الاختلاف ، بعضهم يقول كي اعبر عن نفسي ، وأخر يقول كي أبدد ما اشعر به من آلام ، ليس لي قدرة على تبديدها الا بالكتابة ، ، او أنسى وأتناسى ما اشعر به من انهزامات متعددة ، لأصنع انتصارا وهميا ، قد لا يرى الكثيرون انه انتصار ،، وآخرون يقولون كي أتواصل مع الآخرين ، ، او أتعرف الى أصدقاء جدد ، يملكون بعض التأثير في عقول القراء وقلوبهم ، وأنهم استطاعوا بجهودهم ان يصنعوا هالة من حولهم ،، وأخر يقول انه لا يريد ان يعيش وحيدا منعزلا ،وإنما يسعى الى ان ينتمي الى أولئك المعبرين عن آرائهم ،، والذين يهمهم ان يبدوا وجهات نظرهم ،، فيما يحصل في مجتمعاتهم او في العالم ، ويريدون ان يساهموا عن طريق الكلمة ،، في الدفاع عن الأمور الجميلة الايجابية ،التي تجعل حياتنا أكثر بهجة وانشراحا ، معنى هذا الجواب ان الكتابة مسؤولية ذات هدف، او ما نطلق عليه الالتزام في الأدب ، وان كان الالتزام يختلف حوله الكثيرون، فمن قائل انه التزام بالنفس المبدعة ،والتعبير عن همومها وتطلعاتها ، والبعض يعرف الالتزام :انه الدفاع عن قضايا المجتمع ،،والحيلولة دون تفاقم مشكلاته ،، والعمل مع طليعته من اجل واقع أفضل للإنسان ، سؤال واحد نجد به اختلافا كبيرا وشاسعا حول تعريف الكتابة وبيان أساليبها ، ومعرفة الدوافع التي تدفع المرء أن يضحي بوقته وصحته أحيانا ،، وبما يملك من نقود ،، كي يكتب للقارئ موضوعا يحوز به على إعجابه ، او يحصل على نقمته ، فما هي الدوافع التي تجعل الكتاب، يقبلون على الكتابة بتلك البهجة، العصية على فهم الكثير من الناس، او ان الكتابة هي التي تسعى الى الكاتب ،ولا تتركه حتى يستجيب لها، منفذا ما تريد منه بسرور ، هل تأتيك الكتابة عزيزي القاريء ، ام انك تسعى للوصول إليها مجتازا كل العقبات، التي تجدها تعترض الطريق ، فلماذا تكتب ؟ وكيف تشعر في وقت ما قبل الكتابة ؟ وهل يختلف شعورك حين تنتهي من الكتابة ، وهل يتناقض هذا الشعور مع نجاحك او فشلك، في الحصول على الموضوع الذي تريده ؟، من شحذ الهمة والانعزال عن الناس ، وهل جربت يوما ان تتخلص من مواضيعك التي كلفتك جهدا ووقتا او مالا ؟ بأن تحرقها مثلا ، لانها تسبب لك ألم الرأس ، وهل وجدت يوما انه من المستحيل عليك ان تكون مختلفا عن الآخرين ، محلقا في مكان مبتعد عن مكانهم ، وانك وحيد مقموع ، ترى انه يجب ان تعبر عن غيرك، أكثر بكثير عما تعبر كتاباتك عن نفسك، وعن رؤاك ووجهة نظرك الخاصة، في مسألة من المسائل ، التي لاتجرؤ على إعلان رأيك فيها بصراحة ودون التواء ، وكيف تتصرف إن انتهيت من كتابة موضوع ، وأنت تحلم ان تحصل على رضا من تحبهم ، وإذا بهم يهاجمونك ، متهمين إياك بأقذع النعوت وأقسى التهم ، فهل تجد الكتابة حينئذ نعمة من الله ، ام نقمة هبطت عليك ، لا تعرف كيف تتخلص من عذاباتها الكثيرة ومشاكلها المتوالية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat