هل هذا هو اجر نبيكم يا امة الإسلام
محمد الظاهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هل كان الله ليجهل ما سيجري على أهل بيت حبيبه محمد المصطفى (ص)بعد أن يقبض روحه وقد ميزه عن مائة وعشرون إلف نبي ومرسل بأنه الوحيد الذي طلب من أمته أجرا على الرسالة التي بلغها وتحمل في سبيلها من الأذى ما لم يتحمل غيره من الأنبياء والمرسلين حتى قال (ما أوذي نبي مثل ما اوذيت) بل هل أن الطالب (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) هو الله أم أن النبي الخاتم محمد بن عبد الله (ص) الذي يصفه كل مسلم على مر الليالي والأيام بالحبيب ولو سلمنا أن الطالب هو النبي فان هذا هو ابسط ما نقدمه لنبينا (ص) الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور وتحمل من اجل إنقاذنا من نار جهنم ما لم يتحمله غيره أما إذا كان الطالب هو الله عز وجل ففي ذلك كلام مختلف ومقال أعظم لا يستطيع احد أن يعطيه حقه وفي كلا الحالتين فان المطلوب هو (المودة في القربى ) فهل تحققت هذه المودة وتم إيفاء الأجر لرسول الله (ص) .
هل كان الله يجهل إن ابنة محمد وفلذة كبده وأحب النساء إلى قلبه كما ورد في حديث أم المؤمنين عائشة ،ستتعرض إلى الظلم ما إن يرحل أبيها وتهجرها النسوة بل يطلب منها إن تختار في البكاء على فراق أبيها بين الليل والنهار فيضطر ابن عمها إلى أن يبني لها بيت خارج المدينة الطيبة سمي بيت الأحزان ... فكانت تبكي على فراق أبيها تارة وتبكي على الذل الذي أصابها تارة أخرى لان هناك من كذبها ورد دعواها في مسجد أبيها وقبره لا يبعد سوى أمتار قليلة عن موضع النزاع وهل يمكن لمسلم قرأ التاريخ المكتوب بيد المسلمين أنفسهم بان يكذب من يقول بان الخلافة كانت السبب في التهديد بحرق دار بنت محمد (ص) بعد أن دون المسلمون الأوائل ذلك في مصنفاتهم وكتبهم واليك المصادر التي تثبت ذلك (المصنف لابن أبي شيبة : 7 / 432 ، تاريخ الطبري : 3 / 2 2 ، أنساب الأشراف : 1 / 586 ح1184 ، العقد الفريد : 5 / 13، المختصر في أخبار البشر : 1 / 156 ، مروج الذهب : 3 / 86، 2 / 3 1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 2 / 147، 1 / 134 ، الإمامة والسياسة : 1 / 3 ، الملل والنحل : 1 / 56 ، كنز العمال : 5 / 651 ، أعلام النساء : 4 / 114 ، تاريخ الأمم والملوك للطبري : 2 / 619، ميزان الاعتدال : 2 / 215 ) .
مهما كان السبب والغاية والنية فان فاطمة لا تستحق أن يفعل بها أصحاب أبيها ذلك وكان يجب أن تقدس حرمتها سدادا للأجر الذي طلبه النبي على رسالته ولو فرضنا جدلا أن رسول الله(ص) شاهد ما جرى على فاطمة هل سيقف مكتوف اليدين أم انه سيغضب لان كرسي الحكم لا يساوي دمعة من عيون حبيبته فاطمة الزهراء مهما كانت الأعذار التي قدمت او التي ستقدم من اجل تبرير وتصحيح فعل وسلوك الشيخين حتى وان استلزم الأمر الوقوف ضد ابنة الوحي والنبوة سليلة إبراهيم الخليل ومحمد أكرم الخلق على الله وأقربهم منه منزلة المطهرة من الدنس بنص القرآن .
ذهبت فاطمة إلى بارئها بعمر ثمانية عشر ربيعا ولم يشيعها أهل المدينة فدفنت سرا واخفي قبرها بناء على وصية منها وما زال قبرها مخفيا إلى يومنا هذا فلم يبقى لها اثر سوى في صفحات الكتب وهذا اكبر دليل على أنها تعرضت إلى ظلم شديد دفعها إلى هذا السلوك لإثبات مظلوميتها للأجيال جميعا فكان هذا اكبر دليل على الأجر الذي دفعه الأولون إلى رسول الله (ص) .
رحلت فاطمة الزهراء وبقيت ظلامتها ترافق الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة بإجماع كل فرق المسلمين فعاش السبطان في فقر مدقع نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تعرضا له بسبب اجتهاد أصحاب النبي (ص) في تركته مما اضطر اخو النبي (ص) إلى أن يعمل أجيرا يسقي بساتين اليهود لثلاثة عقود لكي يوفر لقمة العيش الكريم لأربعة أطفال هم سيدي شباب أهل الجنة وزينب وأم كلثوم فكان ذلك أجرا آخرا للنبي (ص) ولا يسع لأحد إنكار حرمان الحسن والحسين من ارث جدهما المتمثل بأرض فدك التي اختلف خلفاء المسلمين فيها فمنهم من ردها على ذرية فاطمة ومنهم من قبضها وقصة فدك مثبتة في مصادرنا الإسلامية وقد دفع هذا الموضوع بعض العلماء الى اتهام بضعة النبي (ص) أنها مخطئة حينا ومشتبهة حينا في مطالبتها السلطة الحاكمة بحقها ناسيا أو متناسيا أن فاطمة الزهراء من نساء النبي ومشمولة بآية التطهير من الرجس الذي هو من عمل الشيطان كما يصفه القرآن الكريم فعلى اقل تقدير ينبغي ضمان معيشة أبناء النبي (ص) بعد وفاته من باب المودة إكراما لرسول الله (ص) علما ان فدك لم تكن بالأرض الكبيرة التي تستحق ان تصادر مهما كانت الأسباب فموارد الدولة الإسلامية انتعشت بسبب الخراج .
بعد أكثر من ثلاثة عقود بايع المهاجرون والأنصار علي بن أبي طالب خليفة بعد مقتل الخليفة الثالث بأيدي أصحاب النبي أنفسهم في فتنة فتحت باب القتل والقتال إلى أن يأذن الله بجمع شمل المسلمين علما أن علي بن ابي طالب قد أرغم على قبول الخلافة وما أن تسلم زمام الأمور حتى ثارت ضده الفتن فكانت معركة الجمل التي قادها طلحة والزبير بدعم وحضور أم المؤمنين عائشة فسالت دماء المسلمين على ارض البصرة من كلا الجيشين وتغلغلت الأحقاد في الصدور ومن المعلوم أن المرء مع من أحب فكان ثلة من المهاجرين والأنصار في جيش علي بن ابي طالب امتثالا للمودة في القربى وإلا فان علي هو الخليفة الشرعي الذي بكى على قتلى الجمل من كلا الفريقين لان فيهم رفاق سلاح أيام الجهاد بين يدي رسول الله (ص) ولكنهم في معركة الجمل سلوا سيوفهم بوجه ابن عم النبي (ص) وحرضوا الناس على قتاله .
ثم تلا ذلك معركة صفين الطاحنة بعد تمرد معاوية على الخليفة الشرعي فجيش الجيوش لقتاله وقتال ولاته في كل بلاد المسلمين من العراق إلى اليمن إلى مصر الكنانة فسالت الدماء كالأنهار ، ثم نشبت حرب النهروان بين جيش الخوارج وجيش أمير المؤمنين الذي اجبر على قبول التحكيم عقب خدعة رفع المصاحف فنفس الذين اجبروه على قبول التحكيم اتهموه بالكفر وخرجوا عليه ثم قتلوا عبد الله بن خباب بن الارت وشقوا بطن زوجته واستخرجوا طفلها وذبحوه على صدرها فسار إليهم ابن عم النبي (ص) وهم بأرض النهروان فوعظهم وخوفهم الله فثاب من ثاب منهم إلى رشده وأصر أربعة آلاف منهم على القتال فأذاقهم وبال سيف ذو الفقار.
لم يرى علي بن أبي طالب الراحة منذ أن ولد ببيت الله الحرام حتى قتل في محراب الصلاة فعم الفرح كثيرا من بلاد المسلمين لاسيما ارض الشام التي كانت تحت سيطرة معاوية بن أبي سفيان وبايع الناس سبط النبي الأكرم الحسن بن علي ثم خذلوه وحاولوا قتله قبل أن يصل إليه جيش الشام فاضطر إلى قبول الصلح مع معاوية حقنا لدماء المسلمين عموما وشيعته خصوصا فتحققت نبؤه جده فيه بان الله سيصلح على يديه فريقين من المسلمين ولم يلبث بعدها طويلا حتى فارق الحسن السبط الحياة مسموما بعد أن شاهد بأم عينه كيف يسب والده على منابر المسلمين لكن روحه أدركت كيف تم ضرب جنازته بسبعين سهما ليأخذ جسده نصيبه ممن اعترض على دفنه قرب جده المصطفى (ص) وهو الذي كان يشمه وأخيه ويقول الحسن والحسين ريحانتي من الدنيا فيا له من اجر قدمه حملة الدين لنبيهم .
في سنة ستين للهجرة تم تنصيب يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين فصارت الخلافة بالوراثة وبعث يطلب بيعة سيد شاب أهل الجنة الحسين بن علي وإلا فالقتل مصيره فرفض الحسين لان مبايعته لرجل يشرب الخمور ويلعب بالقرود ويقتل النفس المحترمة كخليفة لرسول الله فيه ظلم كبير لهذا الدين الحنيف وإضفاء لشرعية يزيد بن معاوية فخرج إلى بيت الله الحرام مع أهل بيته في وضح النهار متحديا السلطة الحاكمة وقطع مناسك الحج بعد أن علم أن يزيد بعث من يقتله وان كان متعلقا بأستار الكعبة فكره الحسين أن تهتك حرمة بيت الله بسببه فخرج الى العراق ليقتل يوم العاشر من محرم الحرام بأيدي شيعة آل أبي سفيان .
قتل المسلمون أخر ابن بنت نبي على وجه الأرض عطشانا هو وأهل بيته وأطفاله وأنصاره بعد أن قال مقولته الشهيرة ( ألا وان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله ورسوله والمؤمنون لنا ذلك وحجور طابت وأرحام طهرت ونفوس أبية وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ) فذبح عطشانا كما يذبح الكبش وحمل رأسه على رمح طويل ورضت الخيل صدره بسنابكها وسلبت ثيابه وقطعت خنصره طمعا بخاتم عقيق كان فيها ثم أحرقت خيامه وسبت شيعة آل أبي سفيان بنات رسول الله (ص) وطافت بهن الأمصار يتصفح وجوههن الرذيل والشريف وادخلن مع أطفال النبي (ص) مكبلين بالحديد على يزيد بن معاوية وأهل الشام فرحين مسرورين بنصر يزيد يوم عاشوراء التي اتخذها المسلمون عيدا فيما بعد الى يومنا هذا فكان نعم الجزاء لرسول الله على اجر رسالته .
استمر مسلسل قتل أبناء فاطمة الزهراء وتشريدهم وملاحقتهم على مر التاريخ ومن شاء فليرجع الى مصادر التاريخ بما فيها كتاب مقاتل الطالبين الذي يتقصى مصير أبناء رسول الله (ص) في العهدين الأموي والعباسي ويثبت أن المسلمين أدوا اجر رسولهم على أتم وجه امتثالا لقوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ولن تصمد التبريرات التي سيقدمها البعض أمام الحقيقة التي تثبت أن الأمة عصت ولم تفي بالتزاماتها تجاه الله ورسوله في هذا الأمر بل في مواضع كثيرة ربما سنتناولها في مقال آخر .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد الظاهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هل كان الله ليجهل ما سيجري على أهل بيت حبيبه محمد المصطفى (ص)بعد أن يقبض روحه وقد ميزه عن مائة وعشرون إلف نبي ومرسل بأنه الوحيد الذي طلب من أمته أجرا على الرسالة التي بلغها وتحمل في سبيلها من الأذى ما لم يتحمل غيره من الأنبياء والمرسلين حتى قال (ما أوذي نبي مثل ما اوذيت) بل هل أن الطالب (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) هو الله أم أن النبي الخاتم محمد بن عبد الله (ص) الذي يصفه كل مسلم على مر الليالي والأيام بالحبيب ولو سلمنا أن الطالب هو النبي فان هذا هو ابسط ما نقدمه لنبينا (ص) الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور وتحمل من اجل إنقاذنا من نار جهنم ما لم يتحمله غيره أما إذا كان الطالب هو الله عز وجل ففي ذلك كلام مختلف ومقال أعظم لا يستطيع احد أن يعطيه حقه وفي كلا الحالتين فان المطلوب هو (المودة في القربى ) فهل تحققت هذه المودة وتم إيفاء الأجر لرسول الله (ص) .
هل كان الله يجهل إن ابنة محمد وفلذة كبده وأحب النساء إلى قلبه كما ورد في حديث أم المؤمنين عائشة ،ستتعرض إلى الظلم ما إن يرحل أبيها وتهجرها النسوة بل يطلب منها إن تختار في البكاء على فراق أبيها بين الليل والنهار فيضطر ابن عمها إلى أن يبني لها بيت خارج المدينة الطيبة سمي بيت الأحزان ... فكانت تبكي على فراق أبيها تارة وتبكي على الذل الذي أصابها تارة أخرى لان هناك من كذبها ورد دعواها في مسجد أبيها وقبره لا يبعد سوى أمتار قليلة عن موضع النزاع وهل يمكن لمسلم قرأ التاريخ المكتوب بيد المسلمين أنفسهم بان يكذب من يقول بان الخلافة كانت السبب في التهديد بحرق دار بنت محمد (ص) بعد أن دون المسلمون الأوائل ذلك في مصنفاتهم وكتبهم واليك المصادر التي تثبت ذلك (المصنف لابن أبي شيبة : 7 / 432 ، تاريخ الطبري : 3 / 2 2 ، أنساب الأشراف : 1 / 586 ح1184 ، العقد الفريد : 5 / 13، المختصر في أخبار البشر : 1 / 156 ، مروج الذهب : 3 / 86، 2 / 3 1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 2 / 147، 1 / 134 ، الإمامة والسياسة : 1 / 3 ، الملل والنحل : 1 / 56 ، كنز العمال : 5 / 651 ، أعلام النساء : 4 / 114 ، تاريخ الأمم والملوك للطبري : 2 / 619، ميزان الاعتدال : 2 / 215 ) .
مهما كان السبب والغاية والنية فان فاطمة لا تستحق أن يفعل بها أصحاب أبيها ذلك وكان يجب أن تقدس حرمتها سدادا للأجر الذي طلبه النبي على رسالته ولو فرضنا جدلا أن رسول الله(ص) شاهد ما جرى على فاطمة هل سيقف مكتوف اليدين أم انه سيغضب لان كرسي الحكم لا يساوي دمعة من عيون حبيبته فاطمة الزهراء مهما كانت الأعذار التي قدمت او التي ستقدم من اجل تبرير وتصحيح فعل وسلوك الشيخين حتى وان استلزم الأمر الوقوف ضد ابنة الوحي والنبوة سليلة إبراهيم الخليل ومحمد أكرم الخلق على الله وأقربهم منه منزلة المطهرة من الدنس بنص القرآن .
ذهبت فاطمة إلى بارئها بعمر ثمانية عشر ربيعا ولم يشيعها أهل المدينة فدفنت سرا واخفي قبرها بناء على وصية منها وما زال قبرها مخفيا إلى يومنا هذا فلم يبقى لها اثر سوى في صفحات الكتب وهذا اكبر دليل على أنها تعرضت إلى ظلم شديد دفعها إلى هذا السلوك لإثبات مظلوميتها للأجيال جميعا فكان هذا اكبر دليل على الأجر الذي دفعه الأولون إلى رسول الله (ص) .
رحلت فاطمة الزهراء وبقيت ظلامتها ترافق الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة بإجماع كل فرق المسلمين فعاش السبطان في فقر مدقع نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تعرضا له بسبب اجتهاد أصحاب النبي (ص) في تركته مما اضطر اخو النبي (ص) إلى أن يعمل أجيرا يسقي بساتين اليهود لثلاثة عقود لكي يوفر لقمة العيش الكريم لأربعة أطفال هم سيدي شباب أهل الجنة وزينب وأم كلثوم فكان ذلك أجرا آخرا للنبي (ص) ولا يسع لأحد إنكار حرمان الحسن والحسين من ارث جدهما المتمثل بأرض فدك التي اختلف خلفاء المسلمين فيها فمنهم من ردها على ذرية فاطمة ومنهم من قبضها وقصة فدك مثبتة في مصادرنا الإسلامية وقد دفع هذا الموضوع بعض العلماء الى اتهام بضعة النبي (ص) أنها مخطئة حينا ومشتبهة حينا في مطالبتها السلطة الحاكمة بحقها ناسيا أو متناسيا أن فاطمة الزهراء من نساء النبي ومشمولة بآية التطهير من الرجس الذي هو من عمل الشيطان كما يصفه القرآن الكريم فعلى اقل تقدير ينبغي ضمان معيشة أبناء النبي (ص) بعد وفاته من باب المودة إكراما لرسول الله (ص) علما ان فدك لم تكن بالأرض الكبيرة التي تستحق ان تصادر مهما كانت الأسباب فموارد الدولة الإسلامية انتعشت بسبب الخراج .
بعد أكثر من ثلاثة عقود بايع المهاجرون والأنصار علي بن أبي طالب خليفة بعد مقتل الخليفة الثالث بأيدي أصحاب النبي أنفسهم في فتنة فتحت باب القتل والقتال إلى أن يأذن الله بجمع شمل المسلمين علما أن علي بن ابي طالب قد أرغم على قبول الخلافة وما أن تسلم زمام الأمور حتى ثارت ضده الفتن فكانت معركة الجمل التي قادها طلحة والزبير بدعم وحضور أم المؤمنين عائشة فسالت دماء المسلمين على ارض البصرة من كلا الجيشين وتغلغلت الأحقاد في الصدور ومن المعلوم أن المرء مع من أحب فكان ثلة من المهاجرين والأنصار في جيش علي بن ابي طالب امتثالا للمودة في القربى وإلا فان علي هو الخليفة الشرعي الذي بكى على قتلى الجمل من كلا الفريقين لان فيهم رفاق سلاح أيام الجهاد بين يدي رسول الله (ص) ولكنهم في معركة الجمل سلوا سيوفهم بوجه ابن عم النبي (ص) وحرضوا الناس على قتاله .
ثم تلا ذلك معركة صفين الطاحنة بعد تمرد معاوية على الخليفة الشرعي فجيش الجيوش لقتاله وقتال ولاته في كل بلاد المسلمين من العراق إلى اليمن إلى مصر الكنانة فسالت الدماء كالأنهار ، ثم نشبت حرب النهروان بين جيش الخوارج وجيش أمير المؤمنين الذي اجبر على قبول التحكيم عقب خدعة رفع المصاحف فنفس الذين اجبروه على قبول التحكيم اتهموه بالكفر وخرجوا عليه ثم قتلوا عبد الله بن خباب بن الارت وشقوا بطن زوجته واستخرجوا طفلها وذبحوه على صدرها فسار إليهم ابن عم النبي (ص) وهم بأرض النهروان فوعظهم وخوفهم الله فثاب من ثاب منهم إلى رشده وأصر أربعة آلاف منهم على القتال فأذاقهم وبال سيف ذو الفقار.
لم يرى علي بن أبي طالب الراحة منذ أن ولد ببيت الله الحرام حتى قتل في محراب الصلاة فعم الفرح كثيرا من بلاد المسلمين لاسيما ارض الشام التي كانت تحت سيطرة معاوية بن أبي سفيان وبايع الناس سبط النبي الأكرم الحسن بن علي ثم خذلوه وحاولوا قتله قبل أن يصل إليه جيش الشام فاضطر إلى قبول الصلح مع معاوية حقنا لدماء المسلمين عموما وشيعته خصوصا فتحققت نبؤه جده فيه بان الله سيصلح على يديه فريقين من المسلمين ولم يلبث بعدها طويلا حتى فارق الحسن السبط الحياة مسموما بعد أن شاهد بأم عينه كيف يسب والده على منابر المسلمين لكن روحه أدركت كيف تم ضرب جنازته بسبعين سهما ليأخذ جسده نصيبه ممن اعترض على دفنه قرب جده المصطفى (ص) وهو الذي كان يشمه وأخيه ويقول الحسن والحسين ريحانتي من الدنيا فيا له من اجر قدمه حملة الدين لنبيهم .
في سنة ستين للهجرة تم تنصيب يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين فصارت الخلافة بالوراثة وبعث يطلب بيعة سيد شاب أهل الجنة الحسين بن علي وإلا فالقتل مصيره فرفض الحسين لان مبايعته لرجل يشرب الخمور ويلعب بالقرود ويقتل النفس المحترمة كخليفة لرسول الله فيه ظلم كبير لهذا الدين الحنيف وإضفاء لشرعية يزيد بن معاوية فخرج إلى بيت الله الحرام مع أهل بيته في وضح النهار متحديا السلطة الحاكمة وقطع مناسك الحج بعد أن علم أن يزيد بعث من يقتله وان كان متعلقا بأستار الكعبة فكره الحسين أن تهتك حرمة بيت الله بسببه فخرج الى العراق ليقتل يوم العاشر من محرم الحرام بأيدي شيعة آل أبي سفيان .
قتل المسلمون أخر ابن بنت نبي على وجه الأرض عطشانا هو وأهل بيته وأطفاله وأنصاره بعد أن قال مقولته الشهيرة ( ألا وان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله ورسوله والمؤمنون لنا ذلك وحجور طابت وأرحام طهرت ونفوس أبية وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ) فذبح عطشانا كما يذبح الكبش وحمل رأسه على رمح طويل ورضت الخيل صدره بسنابكها وسلبت ثيابه وقطعت خنصره طمعا بخاتم عقيق كان فيها ثم أحرقت خيامه وسبت شيعة آل أبي سفيان بنات رسول الله (ص) وطافت بهن الأمصار يتصفح وجوههن الرذيل والشريف وادخلن مع أطفال النبي (ص) مكبلين بالحديد على يزيد بن معاوية وأهل الشام فرحين مسرورين بنصر يزيد يوم عاشوراء التي اتخذها المسلمون عيدا فيما بعد الى يومنا هذا فكان نعم الجزاء لرسول الله على اجر رسالته .
استمر مسلسل قتل أبناء فاطمة الزهراء وتشريدهم وملاحقتهم على مر التاريخ ومن شاء فليرجع الى مصادر التاريخ بما فيها كتاب مقاتل الطالبين الذي يتقصى مصير أبناء رسول الله (ص) في العهدين الأموي والعباسي ويثبت أن المسلمين أدوا اجر رسولهم على أتم وجه امتثالا لقوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ولن تصمد التبريرات التي سيقدمها البعض أمام الحقيقة التي تثبت أن الأمة عصت ولم تفي بالتزاماتها تجاه الله ورسوله في هذا الأمر بل في مواضع كثيرة ربما سنتناولها في مقال آخر .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat